كشف توم باراك، المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، عن مفاوضات مباشرة جارية بين سوريا وإسرائيل تهدف إلى التوصل إلى اتفاق لخفض التصعيد، وذلك بدعم مباشر من الولايات المتحدة. ويتوقع أن يشكل هذا الاتفاق، في حال إقراره، خطوة أولى نحو ترتيبات أمنية مستقبلية بين الجانبين، رغم التوترات العميقة والتاريخ الطويل من العداء.
وفي تصريحات أدلى بها باراك للصحفيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، يوم الثلاثاء، أوضح أن الاتفاق المقترح ينص على وقف إسرائيل لهجماتها على الأراضي السورية، مقابل توقف دمشق عن نقل المعدات والآليات العسكرية الثقيلة إلى المناطق القريبة من الحدود الإسرائيلية.
ووصف باراك العملية بأنها “إنجاز لإدارة ترامب”، مشيرا إلى أن التقدم في المحادثات تأثر جزئيا بسبب العطلة اليهودية، لكنه أكد أن “جميع الأطراف دخلت المحادثة بحسن نية”، في إشارة إلى انفتاح نسبي في المواقف من كلا الجانبين.
الشرع: الاتفاق لا يعني تطبيع العلاقات
من جهته، أكد الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، في تصريحات لوسائل إعلام تركية، أن المفاوضات الجارية تقترب من التوصل إلى اتفاق، لكنه شدد على أن أي اتفاق محتمل سيكون “مشابها لاتفاق 1974″، الذي أسس لوقف إطلاق النار في الجولان، مضيفا: “لا يعني ذلك بأي حال من الأحوال تطبيع العلاقات مع تل أبيب”.
وتابع الشرع بالقول: “نحن نعرف كيف نحارب، لكننا لم نعد نرغب بالحرب”، ملمحا إلى أن الوضع الإقليمي والدولي يدفع باتجاه خيارات سياسية، رغم استمرار إسرائيل في استهداف مواقع حيوية داخل سوريا، من بينها مبنى الرئاسة ووزارة الدفاع في دمشق، وهو ما وصفه الشرع بـ”إعلان حرب”.
وأشار إلى أن الهجوم الأخير على العاصمة السورية، بالتزامن مع المفاوضات، يطرح تساؤلات جدية حول نوايا إسرائيل، قائلا: “إذا كان السؤال: هل أثق بإسرائيل؟ فالجواب: لا أثق بها”.
نتنياهو: هناك تقدم لكن الطريق لا يزال طويلا
وفي السياق نفسه، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في جلسة الحكومة الإسرائيلية يوم الأحد الماضي، وجود تقدم في المحادثات مع سوريا، لافتا إلى أن “الانتصارات التي حققناها ضد حزب الله فتحت بابا لم يكن في الحسبان، وهو إمكانية السلام مع جيراننا في الشمال”.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن نتنياهو قوله إن “هناك تقدما معينا مع السوريين، لكنه لا يزال بعيد المنال”، في إشارة إلى أن الاتفاق، رغم أهميته، لن يكون نهاية مسار، بل بداية مرحلة جديدة من المفاوضات الأمنية المعقدة.
قراءة تحليلية: هل الاتفاق لصالح إسرائيل؟
رغم الأجواء الإيجابية المحيطة بالإعلان عن قرب التوصل إلى اتفاق، حذر بعض المحللين من أن مخرجات هذه المفاوضات قد تصب في مصلحة إسرائيل على حساب سوريا.
وقال خبراء سياسيين، إن “أي اتفاق يخرج عن مفاوضات غير متكافئة، وبوساطة أمريكية، سيكون في نهاية المطاف لصالح تل أبيب حكما”.
مستقبل الاتفاق: تهدئة مؤقتة أم بداية مسار سياسي؟
رغم الخطوة غير المسبوقة في المفاوضات المباشرة بين دمشق وتل أبيب، تبقى الأسئلة مطروحة حول مدى التزام الطرفين بالاتفاق المرتقب، واحتمالات تحوله إلى ترتيبات أمنية دائمة، أو حتى إلى اتفاق سياسي أشمل في المستقبل. وبينما تبدي واشنطن تفاؤلا محسوبا، لا تزال المخاوف قائمة من انتكاسة محتملة تعيد المنطقة إلى مربع التصعيد.










