في ظل تفاقم أزمة المديونيات التي تهدد استقرار القطاع الصحي في مصر، عقد الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، اجتماعا موسعا لمتابعة آليات تسوية المديونيات المستحقة ضمن منظومة الشراء الموحد، وذلك بحضور الدكتور هشام ستيت، رئيس الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي، وعدد من قيادات الوزارة المعنية.
تعزيز كفاءة الإنفاق وضمان استمرار التوريد
وأوضح الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، أن الاجتماع استعرض التقدم المحرز في معالجة المديونيات، بناء على توصيات الاجتماعات السابقة، مشيرا إلى تحقيق نتائج إيجابية على أرض الواقع، مع استمرار مواجهة بعض التحديات التي تستلزم تدخلات حاسمة لضمان انسيابية التوريد واستمرارية تقديم الخدمات الصحية.
وأكد الوزير عبدالغفار خلال الاجتماع على أهمية التنسيق الكامل بين كافة الجهات المعنية، ووضع خطة تنفيذية وجدول زمني واضح لسداد المديونيات، بما يحقق التوازن بين الحفاظ على حقوق الدولة من جهة، وضمان حقوق الموردين واستدامة الإمداد من جهة أخرى.
كما وجه الوزير بتشكيل لجنة متخصصة لمراجعة وتدقيق الإنفاق الفعلي والاستهلاك داخل المنشآت الطبية التابعة للوزارة، بهدف ضبط منظومة الشراء والاستخدام، وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد، مع تعزيز الرقابة المالية والإدارية.
مديونيات تتجاوز 43 مليار جنيه تهدد الصناعة
في سياق متصل، كشف محمد إسماعيل عبده، رئيس الشعبة العامة للمستلزمات الطبية بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن حجم المديونيات المتراكمة على الهيئة المصرية للشراء الموحد لصالح شركات المستلزمات الطبية والدواء وصل إلى 43 مليار جنيه، ما وصفه بـ”الكارثة المالية” التي تهدد أحد أكثر القطاعات حيوية في البلاد.
وأشار عبده إلى أن هذه المديونيات أثرت بشكل مباشر على قدرة الشركات على الإنتاج والاستيراد، مؤكدا توقف خطوط الإنتاج في 11 مصنعا من أصل 40 مصنعا تعمل في القطاع، بسبب نقص السيولة وتعطل صرف المستحقات.
وأوضح أن ما يزيد عن نصف هذه المديونيات يتعلق بمستلزمات استهلكت بالفعل داخل مستشفيات وزارة الصحة لتقديم العلاج المجاني، بينما تعود باقي المديونيات إلى برامج العلاج الاقتصادي، والتأمين الصحي، والتأمين الصحي الشامل، والمراكز الجامعية.
تداعيات خطيرة على البنوك والموردين الدوليين
لفت عبده إلى أن الشركات المتضررة تواجه ضغوطا شديدة من البنوك، بسبب عجزها عن الوفاء بالتزاماتها الائتمانية، في ظل عدم صرف مستحقاتها منذ أكثر من شهرين. كما حذر من تنامي التوتر مع الموردين الخارجيين، الذين بدأ بعضهم في فرض شروط جديدة أكثر صرامة على التعامل مع الشركات المصرية، ما قد يهدد استقرار سلاسل الإمداد للمستلزمات الطبية الأساسية في البلاد.
دعوات للحل السريع قبل الانهيار
واختتم عبده تصريحه بمناشدة الحكومة بسرعة التدخل لحل أزمة المديونيات، تجنبا لتداعيات قد تصل إلى انهيار جزئي في منظومة الرعاية الصحية، خصوصا في ظل اعتماد ملايين المواطنين على خدمات المستشفيات العامة والمراكز الصحية التابعة للدولة.
تعد الهيئة المصرية للشراء الموحد أحد أهم مكونات إصلاح المنظومة الصحية في مصر، حيث أنشئت لضمان الشفافية وتحقيق كفاءة الشراء والتوزيع للمستلزمات الطبية والأدوية، غير أن تراكم المديونيات أدى إلى تحديات متصاعدة تهدد أهدافها الأساسية.










