في خطوة نادرة تعكس احتراما للمسار الديمقراطي، أقر رئيس مالاوي لازاروس تشاكويرا، يوم الأربعاء 24 سبتمبر، بهزيمته في الانتخابات الرئاسية التي جرت في البلاد في 16 من الشهر الجاري، وذلك قبل إعلان اللجنة الانتخابية النتائج النهائية رسميا.
وقال تشاكويرا، في خطاب موجه إلى الشعب:”من الصواب أن أقر بالهزيمة، احتراما لإرادتكم كمواطنين، واحتراما للدستور. أنا ملتزم تماما بالانتقال السلمي للسلطة”.
موثاريكا يتقدم.. واللجنة الانتخابية تستعد لإعلان النتائج
تشير النتائج الأولية إلى تقدم الرئيس السابق بيتر موثاريكا (85 عاما)، سلف تشاكويرا، والذي كان قد تولى رئاسة البلاد بين عامي 2014 و2020. واحتفل أنصاره في مركز النتائج الوطني بالعاصمة ليلونغوي فور سماعهم نبأ اعتراف تشاكويرا بالهزيمة.
تأتي هذه الانتخابات ضمن مواجهة رابعة بين الخصمين السياسيين اللدودين، وقد سبق لموثاريكا أن فاز في انتخابات 2014 و2019، لكن فوزه الأخير ألغي بعد أن قضت المحكمة الدستورية ببطلان نتائج 2019 نتيجة مخالفات انتخابية واسعة، كان أبرزها استخدام سائل التصحيح (تيبكس) على أوراق النتائج، مما قاد إلى إعادة الانتخابات في 2020، والتي خسرها أمام تشاكويرا.
اقتصاد منهك وناخبون يتطلعون للتغيير
دخلت البلاد هذه الانتخابات وسط أزمة اقتصادية خانقة، حيث يعيش نحو 75% من سكان مالاوي — البالغ عددهم حوالي 21 مليون نسمة — تحت خط الفقر، الذي يقدره البنك الدولي بـ3 دولارات يوميا.
كما أشار تقرير البنك إلى أن نصف السكان تقريبا لا يحصلون على الحد الأدنى من السعرات الحرارية اليومية اللازمة لتغطية احتياجاتهم الغذائية.
هذا الواقع الاقتصادي الصعب لعب دورا محوريا في ميل الكفة نحو موثاريكا، إذ واجه تشاكويرا انتقادات حادة على مدار ولايته رغم بعض الإنجازات، مثل إعادة تشغيل شبكة القطارات المتوقفة منذ عقود، لكنه لم ينجح في تخفيف معاناة المواطنين من ارتفاع الأسعار والبطالة وضعف الخدمات.
من هما الخصمان؟
بيتر موثاريكا: سياسي ومحام، وشقيق الرئيس الراحل بينغو وا موثاريكا. تولى الحكم في 2014، وفاز مجددا في 2019، لكن المحكمة الدستورية ألغت فوزه بسبب التزوير، ليخسر في الإعادة عام 2020.
لازاروس تشاكويرا: خطيب إنجيلي وأكاديمي، صعد إلى السلطة بشكل مفاجئ عام 2020 بدعم تحالف من المعارضة. واجه تحديات اقتصادية كبيرة، لكنه يحسب له التزامه بالانتقال الديمقراطي للسلطة.
انتقال سلمي نادر في إفريقيا
إقرار تشاكويرا بالهزيمة قبل صدور النتائج النهائية، والالتزام بانتقال سلمي للسلطة، يضع مالاوي في موقع متقدم بين الدول الإفريقية من حيث احترام التداول السلمي للسلطة، ويعزز من صورة البلاد كمثال نادر لديمقراطية ناضجة في القارة السمراء.
ومن المتوقع أن يتم تنصيب موثاريكا رئيسا لولاية جديدة في الأيام القليلة المقبلة، في وقت يترقب فيه المواطنون توجهات الحكومة الجديدة، خاصة فيما يتعلق بالملف الاقتصادي والاجتماعي.










