اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة في مدينة الزاوية، غرب العاصمة الليبية طرابلس، بين جهاز “مكافحة التهديدات الأمنية” التابع لحكومة الوحدة الوطنية، وتشكيل مسلح محلي يعرف بـ”الكابوات”، في تصعيد ميداني خطير على خلفية صراعات على النفوذ وطرق التهريب.
وانطلقت المواجهات المسلحة يوم الاثنين، في المنطقة الممتدة من الإشارة الضوئية أولاد صقر حتى كوبري المصفاة، وسط استخدام مكثف للأسلحة الخفيفة والثقيلة، بما فيها قذائف الهاون، مما أدى إلى حالة من الذعر بين السكان المدنيين وتهديد مباشر للمرافق الحيوية في المدينة.
قتلى وجرحى في صفوف الأمن والمدنيين
أسفرت الاشتباكات حتى الآن عن مقتل عنصر في جهاز حرس المنشآت النفطية، يدعى محمد سالم خماج، إثر سقوط قذيفة هاون. كما أصيب ستة أشخاص آخرين، بينهم مدنيان حالتهما وصفت بالحرجة.
فيما أفادت مصادر محلية بتعرض عدد من المباني السكنية لأضرار مادية، مع تعليق الدراسة في المدارس والجامعات، وتوقف شبه كامل لحركة المواطنين.
منشآت حيوية مهددة
شركة الزاوية لتكرير النفط عبرت عن قلقها العميق، محذرة من “خطر جسيم” يهدد المجمع النفطي، الذي يعد أحد أكبر مصافي النفط في ليبيا بسعة إنتاجية تصل إلى 120 ألف برميل يوميا.
وأكدت الشركة أن استمرار الاشتباكات في محيطها يعرض حياة العاملين وسلامة الخزانات والمرافق لخطر كارثي، داعية إلى وقف فوري لإطلاق النار وتحييد المرافق النفطية عن النزاع.
الشركة العامة للكهرباء أعلنت عن خروج ست وحدات إنتاج بمحطة جنوب طرابلس عن الخدمة، وفصل عدد من دوائر نقل الطاقة، ما تسبب في انقطاعات واسعة للتيار الكهربائي وهدد استقرار الشبكة العامة.
الشركة دعت إلى تأمين مواقعها حتى تتمكن فرق الصيانة من التدخل وإعادة التيار للمناطق المتضررة.
خلفيات الصراع: الميليشيات والسلاح المنفلت
تعد مدينة الزاوية من المناطق التي تسيطر عليها تشكيلات مسلحة محلية منذ عام 2011، وتشهد مواجهات متكررة بسبب النزاع على طرق التهريب والموارد غير الشرعية.
تفجرت الاشتباكات الأخيرة بعد أن اعتقل جهاز “مكافحة التهديدات الأمنية” عددا من أفراد مجموعة “الكابوات”، ما أدى إلى رد فعل عنيف ومواجهات مفتوحة داخل المدينة.
رغم تبعية كلا الطرفين للحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبد الحميد الدبيبة، فإن غياب التنسيق بين هذه الأجهزة، وتعدد الولاءات، يكشف حجم الهشاشة الأمنية التي تعاني منها الدولة الليبية.
وساطات ومناشدات لوقف القتال
تجري في الوقت الراهن محاولات وساطة من قبل حكماء وأعيان المدينة لوقف إطلاق النار، في ظل صمت رسمي من الحكومة، وعدم تدخل مباشر لاحتواء الأزمة.
السكان يطالبون بوقف الاشتباكات فورا، وتوفير ممرات آمنة للمواطنين، وسط مخاوف من تفجر الوضع أكثر في حال توسع رقعة المواجهات.
ردود فعل دولية متوقعة
من المتوقع أن تصدر بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بيانا خلال الساعات المقبلة، تدين فيه التصعيد، وتدعو إلى التهدئة وحماية المدنيين والمنشآت الحيوية، كما حدث في مواجهات مشابهة خلال السنوات الماضية.
مشهد يتكرر
تعيد الاشتباكات في الزاوية إلى الواجهة واقع الانقسام المسلح في ليبيا، وفشل السلطات في فرض سلطة مركزية تضبط السلاح وتضع حدا لسيطرة الميليشيات.
ورغم التنديدات المحلية والدولية، يظل المدنيون والمنشآت الحيوية رهائن لصراعات النفوذ والفساد، في مشهد يعكس استمرار غياب الدولة وفقدان السيطرة على الأمن.










