اتخذت السعودية مؤخرًا قرارًا تاريخيًا يقضي بتنظيم عمل المرافقين والمرافقات للعمالة الوافدة داخل المملكة، في خطوة تسعى من خلالها إلى مواكبة متطلبات سوق العمل وضبط التوازن بين حاجة الاقتصاد الوطني وفرص التوطين. هذا القرار الجديد يغير بشكل جذري من المنظومة القديمة التي كانت تحد من فرص عمل المرافقين، ويمنح صلاحيات أوسع لوزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في هذا الجانب
.تفاصيل القرار وأبعاده التشريعيةصدر القرار باعتماد مجلس الوزراء السعودي تنظيمًا جديدًا يمنح وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية سلطة تحديد المقابل المالي لعمل المرافقين للعمالة الوافدة، على أن يكون هذا المبلغ مساوياً لما يتم تحصيله من العاملين الوافدين بالقطاع الخاص. القرار أتى بالتنسيق مع وزارة المالية ومركز تنمية الإيرادات غير النفطية، ويشمل التوسع في الأنشطة الاقتصادية والمهن التي يمكن للمرافقين العمل بها، شريطة استيفاء الضوابط المطلوبة والحصول على الموافقات النظامية
يستهدف القرار أن يصبح عمل المرافقين والمرافقات بديلاً عن الاستقدام الخارجي عند توفر الكفاءة والاحتياج، وهو ما يسهم في تخفيف الأعباء الإدارية والمالية على القطاع الخاص، ويوفر للأسر الوافدة فرصًا أكبر للتكامل المهني والاجتماعي داخل المملكة
.الشروط المنظمة لتشغيل المرافقينيتضمن القرار الجديد عدة ضوابط صارمة لضمان تنظيم العملية، ومنها:اقتصار الحق في العمل على الزوج أو الزوجة أو المحرم للمرأة العاملة فقط.عدم تعارض مساهمة المرافقين في سوق العمل مع نسب التوطين المطلوبة من قبل برنامج “نطاقات”.توافر جميع الشروط النظامية الخاصة بالاستقدام لدى صاحب العمل.أن يتعذر شغل تلك الوظائف بالسعوديين والسعوديات بحسب القوائم الرسمية.اجتياز اختبارات الصلاحية المهنية والصحية للمرافقين.التزام المنشآت بتسجيل عقود عمل نظامية للمرافقين بحسب برامج وزارة العمل، مثل برنامج “أجير”.تساوي المقابل المالي المحصل عن كل مرافق مع ما يُحصّل من الوافدين العاديين في نفس القطاع
.انعكاسات القرار على سوق العمل والمجتمعيعني تطبيق هذا التنظيم تحولًا نوعيًا للوافدين والمرافقين، فهناك حوالي 13 مليون وافد بالمملكة سيتأثرون بهذا الواقع الجديد. ويأمل كثير من العاملين والعاملات أن يفتح القرار الباب للاستقرار الأسري، إذ لم يكن للمرافقين الحق في العمل بشكل نظامي مسبقًا مما كان يدفع بالبعض للبحث عن وظائف بشكل غير رسمي، ما يعرضهم لمخاطر متعددة
.ويرى مراقبون أن الخطوة تأتي في إطار إصلاحات أعمق ضمن “رؤية 2030”، حيث سبقها تعديلات نظام الكفالة وبرنامج نطاقات وتطوير بيئة العمل لجذب الكفاءات وتقليل الاستقدام غير الضروري. يتم كذلك ربط القرار بتقليص ظاهرة التستر التجاري عبر دمج المرافقين في سوق العمل الرسمي واستفادة الدولة من الرسوم المالية الإضافية
.ردود الفعل والمخاوفوقد عبّر عدد من الوافدين عن ارتياحهم للقرار، خاصة النساء اللاتي يرافقن أزواجهن أو العكس، حيث يفتح أمامهن فرص عمل قانونية كانت شبه مستحيلة سابقًا. بينما أبدى آخرون مخاوف من ارتفاع الرسوم المالية ومن تعقد شروط الحصول على التصاريح
.وتداولت وسائل الإعلام أن القرار سيخضع لمراجعة دورية لضبط التوازن بين متطلبات السوق واحتياجات التوطين، مع إبقاء أولوية التوظيف للسعوديين والسعوديات متى ما توفرت الكفاءة المناسبة
.التوقعات المستقبليةيرى خبراء العمل أن هذا القرار سيؤدي إلى:تقليل الحاجة للاستقدام الخارجي وخفض التحويلات المالية خارج المملكة.استقرار الأسر الوافدة وتوسيع قاعدة المهن والأنشطة التي يعمل فيها المرافقون.تحسين صورة سوق العمل السعودي وتحفيز المزيد من الكفاءات الأجنبية على القدوم.رفع إيرادات الدولة عبر رسوم إضافية على تصاريح عمل المرافقين.دمج أسر الوافدين بمزيد من الفاعلية والشرعية القانونية في منظومة الاقتصاد السعودي










