الاتحاد الأوروبي يتحرك لوقف واردات النفط الروسي عبر “دروغبا” استجابة لدعوة ترامب
يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تسريع خططه لقطع واردات النفط الروسي المتبقية، في إطار استجابة مباشرة لدعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف تمويل موسكو من الطاقة، خاصة من قبل الحلفاء داخل الناتو، عبر محاولة إقناع المجر وسلوفاكيا بإنهاء اعتمادها على خط أنابيب “دروغبا”.
تحركات أوروبية استجابة لموقف أمريكي صارم
في تصريحات عبر وسائل الإعلام، قال الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الأوفر حظا في انتخابات 2024، دونالد ترامب:”أنا جاهز للانطلاق متى شئتم”.
في إشارة لاستعداده لفرض عقوبات إضافية على روسيا، شرط أن يوقف حلفاء الناتو وارداتهم النفطية الروسية، وهو ما حرك نقاشا داخل بروكسل بشأن تشديد موقف الطاقة تجاه موسكو.
بحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ، تدرس الكتلة الأوروبية اتخاذ إجراءات تجارية جديدة – لم يكشف عنها بعد – تهدف إلى تعطيل أو وقف تدفق النفط عبر “دروغبا”، وهو الخط الحيوي الذي يغذي كلا من المجر وسلوفاكيا، واللذين لا يزالان ضمن الاستثناءات الأوروبية منذ حظر النفط الروسي في 2022 عقب غزو أوكرانيا.
من المستثنون ولماذا؟
بعد بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، فرض الاتحاد الأوروبي حظرا شبه شامل على واردات النفط الروسي، لكن المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك حصلوا على استثناء مؤقت بسبب اعتمادهم الكبير على النفط الروسي وصعوبة التحول السريع لمصادر بديلة.
وبينما تمكنت التشيك من إنهاء اعتمادها في أبريل 2024 بعد تحديث البنية التحتية، لا تزال المجر وسلوفاكيا تستوردان كميات كبيرة من النفط عبر “دروغبا”.
ووفقا لمركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف الأوروبي (CREA)، ساهمت واردات النفط من قبل المجر وسلوفاكيا في تمويل موسكو بما يصل إلى 5.4 مليار يورو منذ بداية الحرب، بل وارتفعت الواردات بنسبة 2% في 2024 مقارنة بمستويات ما قبل الحرب، مستفيدة من خصم يصل إلى 77% على أسعار النفط الروسي.
حوافز أوروبية وضغوط ناعمة
في إطار سعيه لإنهاء الاعتماد بالكامل على الطاقة الروسية بحلول نهاية 2027، يعد الاتحاد الأوروبي رزمة من الحوافز المالية والسياسية لمساعدة هذه الدول، مشابهة لاستراتيجية “التخلص من الغاز الروسي”، التي تم بموجبها تخصيص 550 مليون يورو للمجر لتسريع فك ارتباطها بالطاقة الروسية.
وقال ماثيو بويز، المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية والمشرف على ملف المجر:
“تفكير المفوضية الأوروبية في اتخاذ هذه الإجراءات يعكس تحولا استراتيجيا حقيقيا… هناك نية لتغيير المعايير التقليدية في التعامل مع الاعتماد على روسيا في الطاقة”.
ورغم الحوافز، يحتفظ الاتحاد الأوروبي بحق فرض ضغوط سياسية، مثل تعليق الدعم المالي أو استخدام أدوات الضغط في مفاوضات أخرى لضمان امتثال المجر وسلوفاكيا.
معركة النفوذ بين واشنطن وبودابست
العلاقة الوثيقة بين رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان والرئيس ترامب تثير تساؤلات حول مدى تأثير واشنطن على موقف بروكسل.
ويشير خبراء إلى أن أي اتصال مباشر من أوربان بترامب قد يؤدي إلى تليين موقف البيت الأبيض، خاصة أن ترامب أبدى مرونة في الماضي تجاه قادة يتبنون نهجا مشابها.
في المقابل، تخشى دول أوروبية أخرى – خصوصا تلك التي تحملت كلفة التحول بعيدا عن النفط الروسي – أن تتحول الحوافز للمجر وسلوفاكيا إلى “مكافأة” على عدم الامتثال، مما يثير توترات داخلية حول عدالة التوزيع الأوروبي في مواجهة روسيا.
التحديات والتوازنات الدقيقة
يرى الخبراء أن نجاح الاتحاد الأوروبي في تحقيق هدفه يتوقف على توازن دقيق بين:
الحوافز المالية لتحفيز التحول بعيدا عن النفط الروسي،
الضغوط السياسية لضمان الامتثال الجماعي داخل الاتحاد،
وإدارة العلاقة المعقدة مع واشنطن في ظل احتمالية عودة ترامب إلى الرئاسة.
وفي ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، فإن وقف واردات النفط المتبقية من روسيا يمثل أداة ضغط حاسمة قد تسرع التحولات الجيوسياسية في ملف الطاقة، لكنه في الوقت ذاته يحمل مخاطر الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي نفسه.










