الجنيه السوداني مقابل الدولار اليوم الخميس 25 سبتمبر 2025، سجل الدولار الأمريكي في السوق الموازي بالسودان ذروة تاريخية جديدة هذا الشهر قرب 3,600 جنيه سوداني، مع تداولات مستمرة حول 3,580 جنيها للدولار، بحسب متعاملين ومصادر تتبع محلية.
ويأتي هذا الارتفاع في وقت ظل فيه السعر الرسمي للدولار مقابل الجنيه السوداني مستقرا قرب 600 جنيه، ما يبرز فجوة سعرية ضخمة تتجاوز ستة أضعاف – هي الأوسع منذ بداية الأزمة الاقتصادية والسياسية في البلاد.
ويعكس هذا التدهور السريع انهيارا متسارعا في قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار والعملات الاجنبية، مدفوعا بتداعيات الحرب المستمرة منذ أبريل 2023، والتي أدت إلى اضطراب مالي عميق، وانكماش في المعروض من النقد الأجنبي، وتآكل الثقة في النظام المصرفي.
قفزة غير مسبوقة في سعر الصرف
خلال النصف الثاني من سبتمبر الجاري، بلغ الدولار مقابل الجنيه السوداني في السوق غير الرسمية 3,580 جنيها، مقتربا من حاجز 3,600، في وقت لم يشهد فيه السعر الرسمي للبنوك تغييرا يذكر.
هذه القفزة تمثل تسارعا كبيرا مقارنة بمتوسطات الأشهر السابقة، حيث كان الدولار يتداول بنحو 2,100 جنيه سوداني في يوليو 2024، قبل أن يصل إلى 2,600 في مايو 2025، ثم يرتفع بمعدلات غير مسبوقة خلال الصيف.
سياق الحرب وتداعياته الاقتصادية.
اندلاع الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع أدى إلى شلل واسع في القطاعات الإنتاجية، وتعطل التجارة الخارجية، ما عمق شح النقد الأجنبي، وقلص قدرة الحكومة على التدخل لتثبيت سعر الصرف.
ورغم محاولات تعويم الجنيه في 2021 لتوحيد السعرين، إلا أن التطورات الأخيرة أحيت السوق السوداء بقوة، وأضعفت أي دور للسعر الرسمي في التسعير والتمويل.
وتؤدي هذه الفجوة إلى إعادة تسعير واسعة للسلع والخدمات عند كلفة الدولار الموازي، مع انعكاسات مباشرة على التضخم ومعيشة الأسر، خصوصا في ظل انكماش القنوات المصرفية وتأثر سلاسل الإمداد.
الدولار الجمركي وتكاليف الوارد
اتربط متعاملون الوتيرة الأخيرة لارتفاع السعر الموازي برفع “الدولار الجمركي” المرجعي هذا الشهر إلى نحو 2,600 جنيه، ما زاد كلفة الاستيراد وعمق الطلب على النقد الأجنبي خارج القنوات الرسمية.
ويترجم ذلك مباشرة في أسعار السلع المستوردة ومكونات الإنتاج، ويغذي حلقة ارتفاع جديدة في السوق الموازية مع سعي المستوردين لتأمين العملة الصعبة بتكاليف أعلى.
سياسات نقدية مثيرة للجدل
قالت السلطات في مطلع 2025 إن تبديل الفئات النقدية وإجبار حائزي النقد على الإيداع في البنوك ساعد في زيادة الودائع، لكن المنتقدين اعتبروا أن الإجراء استبعد ملايين من النظام المالي ولم يوقف تمدد الاقتصاد الموازي خلال ظروف الحرب.
وبرغم أن الهدف تعميق الشمول المالي وتجفيف السيولة خارج الجهاز المصرفي، فإن فجوة السعر وتآكل الثقة وشلل النشاط في مناطق واسعة قلل من أثر تلك التدابير على استقرار سعر الصرف.
مسار الأسعار خلال 2024–2025
في يوليو 2024، تجاوز الدولار حاجز 2,100 جنيه في السوق الموازي، قبل أن يتسارع الهبوط لاحقا إلى نطاق 2,500–2,600 في مايو 2025 وفق رصد أممي ثم إلى تخوم 3,600 في سبتمبر، ما يعكس انتقالا سريعا عبر مستويات نفسية واقتصادية متتالية خلال 14 شهرا.
وتظهر هذه القفزات أن الضغوط لم تعد دورية أو موسمية، بل تعكس تغيرا هيكليا في توازنات العرض والطلب على النقد الأجنبي بفعل الحرب وتراجع الصادرات الرسمية وتوسع أنشطة التهريب.
يرى الخبير الاقتصادي أحمد ابن عمر أن الارتفاع الحاد في السوق غير الرسمي وواتساع الفجوة مع السعر الرسمي يشيران إلى ضغوط جديدة “ربما مرتبطة بواردات حكومية أو عسكرية”، في إشارة إلى عوامل طلب قسرية على النقد الأجنبي خلال الحرب.
فيما يؤكد الخبير هيثم فتحي أن “استقرار سعر الصرف خلال الحرب مستحيل” في ظل شلل الإنتاج وضعف الأمن وتراجع الاستثمارات، وهي شروط أساسية مفقودة لأي استقرار اقتصادي مستدام، وفق تعبيره.










