استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الخميس 25 سبتمبر 2025، نظيره التركي رجب طيب أردوغان في البيت الأبيض، في زيارة اعتبرت مفصلية في مسار العلاقات التركية-الأمريكية، والتي توترت في السنوات الأخيرة على خلفية قضايا عدة، أبرزها ملف الدفاع الجوي، الحرب في سوريا، وصفقة طائرات F-35.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك في المكتب البيضاوي، أشاد ترامب بتركيا “كدولة بنت جيشا هائلا” يستخدم معدات أمريكية، وعبر عن احترامه الكبير لأردوغان، ملمحا إلى احتمال رفع العقوبات المفروضة على أنقرة، ومعلنا عن “إعلان مهم” بشأن سوريا سيصدر لاحقا اليوم.
ترامب: أنقرة شريك عسكري وتجاري مهم.. وقد نرفع العقوبات
قال ترامب خلال اللقاء:”أردوغان رجل محترم للغاية على الساحة الدولية. تركيا لديها جيش قوي، يستخدم معداتنا باستمرار، وهذا أمر يسعدنا.”
وأشار إلى أن الجانبين سيناقشان عدة ملفات مهمة، من بينها بيع طائرات F-35 وF-16، والعقوبات الأمريكية المفروضة بموجب قانون “كاتسا”.
وكذلك ملف بنك خلق المتورط في قضايا تهرب من العقوبات على إيران، وشراء منظومات الدفاع الجوي الأمريكية “باتريوت” بدلا من S-400 الروسية، ومبيعات طائرات بوينغ إلى تركيا.
وعن العقوبات، قال ترامب:”إذا كان الاجتماع مثمرا، فقد نرفع العقوبات في أي وقت. نحن نتحدث عن تسليم طائرات F-35، وندرس كل الخيارات.”
أردوغان: مستعدون لفتح صفحة جديدة في العلاقات مع واشنطن
من جانبه، عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن سعادته بالزيارة، قائلا: “نحن في فترة مختلفة بالعلاقات التركية-الأمريكية، سواء في الولاية الأولى للرئيس ترامب أو الثانية. نأمل أن نعيد ضبط العلاقات على أسس جديدة.”
وأضاف أردوغان أن المباحثات ستشمل أيضا مدرسة هيبلي آدا التابعة للجالية الأرمنية، والتعاون الدفاعي والاستخباراتي، والتطورات في غزة والحرب الروسية-الأوكرانية.
ملف S-400 وF-35: بداية انفراجة؟
يعد الخلاف حول شراء تركيا لمنظومة S-400 الروسية أحد أبرز أسباب توتر العلاقات بين أنقرة وواشنطن منذ 2019، حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات كاتسا وأخرجت تركيا من برنامج تطوير طائرات F-35.
لكن اليوم، أبدى ترامب استعدادا لمراجعة هذا الملف، قائلا:”تركيا تريد العودة إلى برنامج F-35، ونحن نبحث ذلك. إنها حليف مهم داخل الناتو.”
سوريا: إعلان مرتقب و”نجاح لأردوغان”
ألمح ترامب إلى “إعلان مهم” بشأن سوريا سيصدر لاحقا اليوم، مؤكدا أنه رفع العقوبات سابقا للسماح بـ”التقاط الأنفاس”.
وقال:”ما حدث في سوريا هو نجاح لأردوغان. هذا انتصار كبير لتركيا. يجب أن نمنح سوريا فرصة.”
الحرب في أوكرانيا: “حان الوقت لتتوقف”
تطرق ترامب إلى الحرب الروسية الأوكرانية، ودعا إلى وقفها قائلا:”الروس لا يحققون تقدما ميدانيا. أعتقد أن الوقت قد حان لوقف الحرب. لقد أنهيت 7 حروب، ويجب أن تنتهي هذه أيضا.”
وأعرب عن اعتقاده بأن أردوغان قد يكون له تأثير كبير على روسيا بحكم علاقاته مع موسكو.
صفقة بوينغ وتعزيز الثقة بالأسواق التركية
وأشار ترامب إلى صفقة “مبيعات طائرات بوينغ واسعة النطاق” لتركيا، والتي نوقشت مع مسؤولين أتراك وممثلين عن الحزب الجمهوري التركي، في خطوة من شأنها إنعاش العلاقات الاقتصادية.
وعلى خلفية هذه الزيارة، شهدت الأسواق المالية التركية ارتفاعا في الأسهم والدين السيادي، وسط آمال بتحسن العلاقات مع واشنطن، خاصة بعد إعلان اللقاء الأسبوع الماضي.
خلفية التوترات: من العقوبات إلى سوريا
تعود جذور التوتر بين أنقرة وواشنطن إلى عام 2019، بعد أن شنت تركيا توغلا عسكريا في شمال سوريا ضد القوات الكردية المدعومة من أمريكا، ما أدى لفرض عقوبات على وزراء أتراك.
كما أثار ملف اعتقال القس الأمريكي أندرو برونسون في تركيا سابقا أزمة دبلوماسية، قبل أن يفرج عنه أردوغان بعد تدخل شخصي من ترامب، وهو ما أشار إليه الأخير اليوم بقوله:”لن أنسى أنني أنقذت حياة برونسون. كان سيسجن 35 عاما، وأردوغان أفرج عنه بعد مكالمة واحدة.”
اللقاء بين ترامب وأردوغان اليوم في البيت الأبيض يشير إلى مرحلة جديدة محتملة من الانفتاح والتعاون بين البلدين، خاصة في الملفات الدفاعية والاقتصادية. ومع احتمالات رفع العقوبات، وعودة الحوار حول طائرات F-35، و”إعلان مرتقب” بشأن سوريا، يبدو أن العلاقة الاستراتيجية بين أنقرة وواشنطن أمام فرصة لإعادة التوازن بعد سنوات من التوتر.










