أعلنت مصلحة الجمارك المصرية صباح اليوم الجمعة، عن قرار غير مسبوق يقضي بإعفاء الهواتف المحمولة المستوردة من الخارج من الرسوم الجمركية، وذلك لحاملي جوازات السفر المصرية فقط، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ اعتباراً من اليوم.
ويأتي هذا التحرك في إطار حزمة إجراءات حكومية تستهدف التخفيف عن المواطنين وتوسيع خيارات حصولهم على الأجهزة الذكية، في ظل تضخم أسعار الهواتف داخل السوق المحلية خلال الأشهر الماضية
.تفاصيل القراروبحسب البيان الرسمي، فإن أي مواطن يحمل جواز سفر مصري ويقوم باصطحاب هاتف محمول جديد عند دخوله البلاد من الخارج، سيتم السماح له بإدخال هذا الجهاز من دون تحصيل الرسوم الجمركية المعتادة.
وأشارت المصلحة إلى أن هذا الإعفاء يسري على جهاز واحد فقط لكل مسافر، منعاً لاستغلال القرار لأغراض تجارية غير مشروعة.وأكدت مصلحة الجمارك أن القرار يشمل جميع المنافذ الجوية والبحرية والبرية في آن واحد، مع التشديد على تسجيل بيانات الجهاز بما في ذلك الرقم المتسلسل (IMEI)؛ لضمان عدم إساءة الاستخدام أو محاولة تمرير الأجهزة عبر وسطاء.خلفية القراريأتي هذا الإعفاء في سياق ضغوط متنامية على سوق الهواتف المحمولة في مصر، حيث عانت الأسعار من ارتفاعات متتالية تجاوزت في بعض الطرازات 40% مقارنة بالعام الماضي. ويرجع ذلك إلى تراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار، وارتفاع تكاليف الاستيراد ورسوم الجمارك والضرائب، الأمر الذي دفع المستهلكين إلى البحث عن بدائل أرخص في الأسواق الخارجية
.وتقول مصادر بوزارة المالية إن القرار من شأنه تخفيف العبء المالي على الأسر المصرية، خصوصاً فئة الشباب والطلاب، الذين يشكلون النسبة الأكبر من مستخدمي الهواتف الذكية.ردود الأفعال الأولىقوبل القرار بترحيب واسع بين المصريين، سواء داخل البلاد أو المقيمين في الخارج. فبالنسبة للمغتربين، يعد هذا الإعفاء فرصة لشراء أحدث الهواتف وإدخالها إلى السوق المصرية عند عودتهم من السفر، دون تكبد تكاليف إضافية
.على الجانب الآخر، أبدى بعض التجار في سوق الهواتف بالقاهرة والإسكندرية مخاوف من أن يؤدي القرار إلى تراجع الطلب على المعروض المحلي، خاصة مع اختلاف الأسعار المتوقعة بين الأجهزة المستوردة ذاتياً وبين تلك المستوردة عبر الوكلاء الرسميين. ويتوقع محللون أن تنشأ موجة جديدة من المنافسة قد تدفع بعض الشركات إلى تخفيض أسعارها أو تقديم عروض ترويجية للحفاظ على حصتها السوقية.اقتصاديات القرارمن الناحية الاقتصادية، يمثل القرار خطوة جريئة، إذ تتنازل الدولة عن مصدر مهم من الإيرادات الجمركية
. لكن خبراء يرون أن العوائد غير المباشرة قد تكون أكبر، حيث يساهم الإعفاء في تقليص السوق السوداء والتهريب غير المشروع، ويعزز الثقة بين المواطن وأجهزة الدولة. كما قد يساهم في دعم التحول الرقمي الذي تراهن عليه الحكومة عبر تسهيل امتلاك الأفراد لهواتف حديثة تواكب احتياجات الخدمات الإلكترونية.
انتقادات وتحذيراترغم الإيجابيات، إلا أن بعض الأصوات التحذيرية بدأت تظهر، حيث يرى خبراء أن القرار قد يفتح الباب أمام استغلال المسافرين لجلب أجهزة متعددة لصالح تجار محليين، ما قد يخلق سوقاً موازية تضر بالوكلاء الرسميين وشركات التوزيع.
وطالب هؤلاء بضرورة وضع ضوابط رقابية صارمة، مثل تسجيل الأجهزة إلكترونياً وربطها بالرقم القومي لضمان الشفافية.كما اعتبر آخرون أن التوسع في سياسة الإعفاءات الجمركية قد يؤثر على حصيلة الإيرادات العامة
للدولة في وقت تحتاج فيه الحكومة إلى تعظيم مواردها. ولهذا، شددوا على ضرورة تقييم التجربة خلال الأشهر الأولى للتأكد من توازن المكاسب والخسائر.سيناريوهات مقبلةيتوقع مراقبون أن يشهد قطاع الموبايلات في مصر تغيرات ملموسة خلال الأسابيع القادمة، حيث قد يزداد الإقبال على السفر لإدخال أجهزة جديدة، في حين ستجد شركات الاتصالات نفسها مضطرة إلى تقديم خطط تقسيط أكثر مرونة لجذب العملاء
. كما قد تبدأ شركات الشحن الجوي في الترويج المباشر لرحلات قصيرة تستهدف الراغبين في اقتناء الهواتف من الخارج.وفي حال نجاح التجربة، قد تنتقل الفكرة إلى سلع إلكترونية أخرى، مثل الحواسيب المحمولة والأجهزة اللوحية، وهو ما قد يعيد تشكيل خريطة سوق الإلكترونيات في مصر بأكملها.خاتمةقرار مصلحة الجمارك اليوم يمثّل نقطة تحول في علاقة الدولة بالمستهلك، إذ يسعى لتحقيق توازن بين التيسير على المواطنين والحفاظ على مصالح الاقتصاد الوطني
. وبينما يستعد المسافرون للاستفادة من الإعفاء بدءاً من اليوم، ستترقب الأسواق بتوتر حجم تأثير الخطوة الجديدة على الأسعار والتجارة الداخلية، وسط تفاؤل شريحة واسعة من المصريين بأن تكون هذه البداية نهاية معاناتهم مع غلاء الموبايلات










