شرعت الحكومة المصرية في خطوات عملية لفرض “ضريبة صحية” جديدة على المشروبات الغازية والمشروبات المحلاة، في مبادرة تهدف إلى الحد من استهلاك السكر المرتفع ومكافحة أمراض السمنة والسكري والمشاكل الصحية المزمنة المتزايدة بين المصريين. هذا التوجه الجديد جاء ليعكس التزام الدولة بتطبيق توصيات منظمة الصحة العالمية، وتحقيق إصلاحات مالية وصحية متكاملة، وسط تباين في أوساط الرأي العام بين مؤيد ومتحفظ حول جدوى هذا القرار
بحسب مصادر مطلعة بوزارة الصحة والسكان، تدرس الحكومة تطبيق ضريبة صحية متدرجة على المشروبات المحلاة والغازية، ويتم ربط قيمة الضريبة بنسبة تركيز السكر في كل منتج
النظام المقترح يعفي أي مشروب يحتوي على أقل من 5 جرام سكر لكل 100 ملليتر من الضريبة الإضافية، في حين تفرض ضريبة بنسبة 20% على المشروبات التي تتراوح نسبة السكر فيها بين 5 و9 جرام لكل 100 ملليتر، وترتفع النسبة إلى 30% متى تجاوزت هذه العتبة
.هذه الضريبة تطال نطاقًا واسعًا من المنتجات: كافة أشكال المشروبات الغازية، العصائر الصناعية، مشروبات الطاقة، الشاي والقهوة المعبأة والمحلاة مسبقًا، وحتى مشروبات الألبان المنكهة، باستثناء ما تثبت التحاليل أنه أقل من الحد المسموح للسكر
ورغم أن الفكرة لا تزال قيد الدراسة النهائية، إلا أن تطبيقها بات وشيكًا عقب التوافق الوزاري، ضمن خطط مواجهة العبء الصحي العام المرتبط بالعادات الغذائية السيئة في المجتمع المصري
.الدوافع وراء الضريبة الصحيةالأسباب الرئيسية لفرض الضريبة الصحية تعود إلى تضاعف نسب الأمراض المزمنة المرتبطة بالسكر الزائد، ومنها السمنة المفرطة والسكري وأمراض القلب، إضافة إلى تنامي نفقات العلاج ضمن ميزانية الصحة السنوية
.ووفق النموذج الحكومي، فإن عائدات الضريبة ستوجه للمساهمة في تمويل منظومة التأمين الصحي الشامل، وتعزيز قدرات القطاع الصحي في مواجهة الأمراض الناتجة عن النمط الغذائي السيئ، إلى جانب الوفاء بالتزامات القاهرة تجاه المانحين الدوليين وصندوق النقد الدولي ضمن برامج الإصلاح المالي والاجتماعي
.ردود فعل السوق والمواطنينلم يمر إعلان الضريبة الصحية مرور الكرام، إذ أبدت شركات المشروبات تخوفات من تداعيات ارتفاع الأسعار على نسب المبيعات، خصوصًا بعد قرارات الشركات الكبرى مثل كوكاكولا بزيادة أسعار منتجاتها بداية من مايو 2025، مستشهدة بالتكاليف الجديدة والضرائب المتراكمة
.بينما يرى خبراء الصحة والاقتصاد أن الضريبة الصحية باتت ضرورية لضبط معدلات الاستهلاك وتقليل أعباء أمراض العصر المزمنة، يؤكد بعض المواطنين والتجار أن الإجراء سيشكل عبئًا اقتصاديًا إضافيًا على الأسر، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار عمومًا ونقص البدائل منخفضة التكلفة
.النقاش المجتمعي وتحديات التطبيقالجدل بشأن مدى فاعلية الخطوة متواصل: فالبعض يراها تصحيحًا لمسار نظام غذائي يحتاج لإعادة ضبط، بينما يحذر آخرون من نقل العبء المالي للفئات الأفقر، وسط مخاوف من أن يلجأ المستهلكون إلى بدائل أرخص لكنها قد تكون أقل أمانًا صحيا
.الحكومة تؤكد أنها تراعي هذه الملاحظات في وضع الشروط التفصيلية للتشريع المزمع، وتؤكد أن الهدف الأسمى هو دعم الصحة العامة دون الإضرار بحقوق المستهلك أو إرباك الأسواق
.رؤية للمستقبلإذا نجحت مصر في تنفيذ الضريبة الصحية على المشروبات الغازية والمحلاة، فقد تصبح نموذجًا لدول المنطقة في مواجهة أوبئة القرن الحادي والعشرين الغذائية. لكن يبقى تجويد التنفيذ والتوعية المجتمعية عاملاً حاسمًا في نجاح تلك المبادرة وجعلها نقطة انطلاق نحو تغير حقيقي في ثقافة الاستهلاك










