في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والأمنية العراقية، أصدر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر خلال نهاية سبتمبر 2025 تحذيرات صريحة من مخاطر انفجار أسلحة المليشيات المنتشرة في البلاد مؤكدًا أن خطر السلاح المنفلت أصبح يهدد العراقيين جميعاً، وأن أي انفجار أو تصعيد لن يكون له متضرر سوى الشعب العراقي نفسه
جاءت تصريحات مقتدى الصدر في وقت تشهد فيه بغداد وأغلب المدن العراقية حالة من القلق المتصاعد على خلفية تكدس الأسلحة في مقرات المليشيات وبعض العشائر، مما اعتبره الصدر مقدمة لكارثة أمنية قد تقع في أي لحظة، محذرًا من أن أسلحة المليشيات ليست سوى “قنابل موقوتة” باتت تهدد الاستقرار الوطني
وترافق تحذيره مع دعوة صريحة لإيقاف انتشار واستعراض السلاح داخل المناطق السكنية ومقرات الفصائل المسلحة، ومناشدته السلطات لوضع حد عاجل للانفلات الأمني
.وأكد الصدر، في منشوراته وبياناته الأخيرة، أن استمرار تخزين الأسلحة بهدف فرض السيطرة السياسية أو الطائفية لن يخدم سوى أعداء الشعب والدولة، داعياً كل الأطراف المتصارعة إلى تسليم السلاح للدولة وتقوية الجيش والشرطة كمؤسستين رسميتين وحيدتين معنيتين بحماية الأمن العراقي
.خلفيات الأزمة ومخاوف الانفجاريأتي انعكاس تحذيرات الصدر في ظل تسابق الفصائل المسلحة على تعزيز نفوذها قبيل الانتخابات المرتقبة وأثناء احتداد الصراع السياسي حول السلطة، إذ يتزايد قلق التيار الصدري من تحول مستودعات السلاح المنفلت إلى نقاط تفجير عشوائية خاصة مع التصعيد الإعلامي واستعراض القوة بين الفصائل
كما تتخوف أجهزة الأمن من استهداف مناطق مدنية أو تصاعد التصفية السياسية الداخلية باستخدام تلك الأسلحة المتكدسة.وقد دفعت تصريحات الصدر ببعض الفصائل الموالية لإيران، خصوصاً كتائب حزب الله وحركة حقوق، إلى الرد بعنف، واعتبروا دعوة الزعيم الصدري لحل المليشيات “خيانة لدماء الشهداء”، فيما سعى آخرون لمهاجمة الصدر شخصياً عبر الحروب الكلامية ومنصات التواصل
. وبرزت حالة رفض علنية لدعوات الصدر سواء من جناح “المقاومة” أو من حسابات وقيادات مقربة من عصائب أهل الحق وحركات الحشد الشعبي، وسط محاولات التفريق بين خطاب المرجعية الدينية وتوجيهات الصدر السياسية بشأن السلاح خارج سلطة الدولة
.ردود فعل شعبية ورسميةلم تكتف ردود الفعل بالانقسام السياسي، بل انعكست على الشارع العراقي وسط مخاوف شعبية من اندلاع مواجهات مسلحة إذا لم يتم وضع حد للانفلات الأمني، خصوصاً بعد وقوع عدة تفجيرات وتبادل للاتهامات بشأن الجهة المسؤولة عن العبث بالسلاح المنفلت. وبرزت أصوات داخل البرلمان والحكومة العراقية تطالب بتدخل عاجل لإحكام السيطرة على مستودعات الأسلحة، وتقديم حلول دائمة لمنع تكرار حوادث الانفجار أو السطو المسلح
.وتعززت هذه المخاوف مع اتساع دائرة تهريب الأسلحة عبر الحدود بالتزامن مع الضغوط الأمريكية والدولية على بغداد لتصفية النفوذ الإقليمي لإيران وتقليص دور المليشيات المسلحة، ما جعل الملف الأمني مفتوحاً على كل السيناريوهات في الفترة المقبلة
.مستقبل الأزمة ونداءات الصدرأعادت تحذيرات مقتدى الصدر النقاش حول ضرورة إصلاح وتحديث أجهزة الأمن، وتحويل الفصائل المسلحة من قوى ضغط سياسي إلى أدوات رسمية للجيش والشرطة، مع تركيزه على مبدأ استقلال العراق ورفض التبعية لأي جهة داخلية أو خارجية
. ولا تزال التصريحات تمثل لحظة فارقة في تاريخ علاقة التيار الصدري بالفصائل المسلحة، فإما أن تكون مقدمة لحلحلة الأزمة بقوة الدولة، أو تدفع نحو مزيد من التصعيد والفوضى، ما لم يتم تدارك “انفجار السلاح المنفلت” الذي يحذر منه الصدر يومياً.ومع تزايد حدة الخطاب، يتخوف الشارع من تحول تحذيرات الصدر إلى واقع دموي جديد، لا سيما وأن المسألة لم تعد أمنية فقط، بل سياسية واجتماعية وإنسانية تهدد كل بيت وجوار في العراق، وتحمل في طياتها خطر الانقسام وفقدان الاستقرار قبل استحقاقات مصيرية كالانتخابات والمفاوضات الإقليمي بتلك التحذيرات، أعاد مقتدى الصدر تسليط الضوء على ملف السلاح المنفلت، مما يجعله واحداً من أخطر التحديات الأمنية والسياسية في عراق اليوم، وقد يحسم مستقبل الأزمة بمدى تجاوب الأطراف مع نداءات الإصلاح وتحقيق دولة السلاح الواحد ووحدة القرار الأمني










