أعلنت مصادر رسمية وعسكرية سودانية اليوم عن نجاح الجيش السوداني في تنفيذ عملية إسقاط جوي هامة داخل مقر قيادة الفرقة السادسة مشاة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. وتأتي هذه العملية بعد أكثر من عام من الحصار الذي فرضته قوات الدعم السريع (RSF) على المدينة، لتعد هذه العملية هي الأولى من نوعها منذ خمسة أشهر، في خطوة استراتيجية لتخفيف الحصار المفروض على الفاشر.
تفاصيل العملية
نفذ الجيش السوداني العملية في ساعات الصباح الباكر باستخدام طائرة شحن تابعة لسلاح الجو السوداني من طراز “أنتونوف”، التي تمكنت من تجاوز الدفاعات الجوية لقوات الدعم السريع. وبحسب المصادر العسكرية، فقد وصلت الإمدادات التي أسقطت إلى المقر العسكري بشكل كامل، بالرغم من التحديات الجوية والدفاعات المعادية.
محتويات الإمدادات
شملت الشحنات التي تم إسقاطها ذخائر عسكرية، أدوية ومواد طبية، مؤن غذائية، بالإضافة إلى مبالغ مالية لدعم القوات السودانية والمدنيين المحاصرين في المدينة. تأتي هذه الإمدادات في وقت تعاني فيه الفاشر من نقص حاد في الإمدادات بسبب الحصار المستمر، ما يعكس الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يواجهها السكان والجنود على حد سواء.
الأهمية الاستراتيجية للعملية
تعد هذه العملية خطوة هامة على الصعيدين العسكري والاستراتيجي، حيث أظهرت قدرة الجيش السوداني على اختراق الدفاعات الجوية لقوات الدعم السريع، التي كانت تعتمد على أنظمة تشويش ودفاع جوي لمنع تنفيذ مثل هذه العمليات. وأكد الخبراء أن هذه العملية تمثل بداية حقيقية لفك الحصار المفروض على المدينة، وهو ما أثار فرحا كبيرا بين سكان الفاشر الذين احتفلوا بهذه التطورات مع زغاريد وأصوات إطلاق نار احتفالي.
الفرقة السادسة مشاة: انتصار في المعركة
في وقت لاحق من اليوم، أكدت الفرقة السادسة مشاة بالفاشر نجاحها في سحق قوات الدعم السريع خلال الهجوم الذي نفذته فجر اليوم على المدينة، في المحور الشمالي الغربي. وأوضح بيان صادر عن الفرقة أن قوات الدعم السريع تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، حيث قتل العشرات منهم وأصيب آخرون، وتم تدمير وتعطيل عدد من المركبات القتالية.
وأضاف البيان أن فلول قوات الدعم السريع فرت إلى أطراف المدينة الغربية في اتجاه جبال “وانا”، تاركين خلفهم العديد من القتلى والجرحى. وكشفت الفرقة في بيانها عن أن بعض وحدات الدعم السريع التي شاركت في المعركة كانت قد فرت من محاور أخرى، مثل كردفان، وأجبرت على المشاركة في القتال في الفاشر، مما أسفر عن هلاكها جميعا.
وفي وقت لاحق، استمر القصف المدفعي على المدينة من جانب قوات الدعم السريع خلال النهار، إلا أن الفرقة أكدت أن الوضع في الفاشر الآن مستقر، مؤكدة على استمرار النضال حتى النصر.
الوضع العام في الفاشر
تعد مدينة الفاشر آخر معقل رئيسي للجيش السوداني في دارفور، وهي محاصرة من قبل قوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، في إطار الحرب الأهلية السودانية التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع. المدينة تضم أكثر من 260,000 نازح وتواجه أوضاعا إنسانية مأساوية، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والمساعدات الطبية.
وحذرت منظمة الأغذية العالمية (WFP) من أن الوضع في المدينة قد يتسبب في كارثة إنسانية إذا لم تفتح ممرات إغاثية قريبة في المستقبل القريب، وهو ما يزيد من الضغط على الفرق الإغاثية والحكومة السودانية.
التطورات الأخيرة في الفاشر
في الأسابيع الماضية، شهدت مدينة الفاشر هجمات مكثفة من قوات الدعم السريع، بما في ذلك قصف مدفعي وهجمات بالطائرات المسيرة (الدرون)، مما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين، بما في ذلك هجوم شهير على مسجد في 19 سبتمبر 2025، أسفر عن مقتل 78 شخصا.
وفي المقابل، رد الجيش السوداني بغارات جوية مكثفة على مواقع الدعم السريع، مما أدى إلى تدمير العديد من المعدات العسكرية. إلا أن الحصار المفروض على المدينة لا يزال يعيق إمدادات الإغاثة البرية، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني.
الجهود الدولية
في الساحة الدولية، تبنت الأمم المتحدة في يونيو 2024 قرارا يطالب بوقف الحصار المفروض على مدينة الفاشر، بهدف تخفيف المعاناة الإنسانية المتزايدة. ومع ذلك، فإن المفاوضات الدبلوماسية التي جرت في جنيف بين الطرفين المتحاربين فشلت في تحقيق تقدم ملموس بسبب تعنت الطرفين ورفضهما التوصل إلى تسوية.
ومن جانبها، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على قادة من الطرفين المتحاربين في محاولة للضغط من أجل إنهاء القتال، لكن الحصار على الفاشر لا يزال مستمرا، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في المنطقة.










