في الأيام الأخيرة، تصاعد الجدل في سوريا ومصر عقب خروج مظاهرات في دمشق تخللتها هتافات مسيئة للدولة المصرية، ما دفع والد الرئيس السوري أحمد الشرع، حسين الشرع، إلى إصدار تعليق رسمي يعكس موقفه الرافض لأي إساءة تجاه مصر ويؤكد على عمق الروابط بين الشعبين
شهدت العاصمة السورية دمشق مظاهرات قرب المسجد الأموي والسفارة المصرية، حيث رفعت شعارات وهتافات حمل بعضُها رسائل عدائية بحق مصر وقياداتها وسط حالة تعاطف مع أهل غزة وتنديد بإغلاق معبر رفح
هذه الهتافات المسيئة أثارت ردود فعل غاضبة في مصر وأشعلت جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، فانتقد ناشطون وإعلاميون سوريون تلك السلوكيات وأكدوا أنها لا تعبر عن روح التضامن العربي، بل تهدف إلى زرع الفتنة بين الشعبين الشقيقين
.تعليق والد أحمد الشرع.. رسالة مصالحة ودعم لمصر
حسين الشرع، والد الرئيس السوري، اختار أن يكتب منشوراً مطولاً على صفحته بفيسبوك ليرد على تلك التصرفات، إذ قال بوضوح إن الإساءة إلى مصر هي إساءة للشام جميعاً، “فمصر والشام صنوان لا تفريق بينهما”
استحضر الشرع ذكريات الوحدة العربية التاريخية، من صوت دمشق يدعم القاهرة أيام العدوان الثلاثي، مروراً بالجمهورية العربية المتحدة، ووصولاً إلى ملحمة حرب أكتوبر/تشرين 1973 التي خاضها الجيش السوري إلى جوار الجيش المصري دفاعاً عن الكرامة المشتركة
.وأوضح الشرع أن مصر ستظل الأخ الأكبر لكل البلاد العربية، وأن مكانتها التاريخية وحاضرها وكرمها في استقبال السوريين أكبر من أن تُمس بهتافات أو أعمال تحريضية. وأضاف أن المصريين لم يتعاملوا مع السوريين كلاجئين بل اعتبروهم دوماً جزءاً من نسيجهم الوطني والاجتماعي، ورفض مظاهر العنصرية أو التضييق، مؤكداً أنه “من لا يشكر مصر لا يشكر الله”
.رفض واسع لمظاهر الإساءة واستغلال المقدساتلم يقتصر رفض الإساءة على عائلة الشرع، بل صدرت بيانات استنكار من قيادات سياسية وحزبية سورية ومصرية، مؤكدين أن المظاهرات المسيئة في المسجد الأموي استغلت مكاناً دينياً وتاريخياً لتحويله إلى منصة تحريض ضد مصر
ووصف نواب مصريون تلك الممارسات بأنها لا تمثل الشعب السوري الأصيل، بل هي من فعلة قلة مأجورة تخدم أجندات خبيثة هدفها ضرب العلاقات التاريخية وحصار القضية الفلسطينية. واعتبروا أن احترام الرموز الدينية والوطنية المصرية خط أحمر لا يجوز تجاوزه، وأن العلاقات المصرية السورية أعمق من أن تنال منها مظاهرة أو هتافة عابرة
.ردود الفعل في مصر وسوريا والمساعي للتهدئةالمظاهرات وأثارها السلبية ولّدت موجة من الجدل بين رواد منصات التواصل في البلدين، حيث دعا البعض لمقاطعة السوريين وبضائعهم، بينما غلبت الأصوات التي طالبت بالتهدئة واستذكار العلاقات التاريخية والتضحيات المشتركة.
وبرزت مواقف لشخصيات عامة وفنانين من الطرفين، استنكرت التصعيد ووجهت دعوات لرأب الصدع والتمسك بروح الإخاء رغم أي إساءات فردية
. جددت رسائل حسين الشرع والد الرئيس السوري هذا الخطاب، بالقول إن “الشعب المصري في القلب دائماً”، و”نحن أمة واحدة وباقون في خندق واحد”
قراءة في دوافع التحريض.. واقع أم توظيف سياسي؟تشير تحليلات إلى أن المظاهرات المسيئة لمصر ليست تعبيراً عن توجه غالب بين السوريين، بل هي محاولة مدفوعة من جهات خارجية تستهدف زعزعة العلاقات العربية في لحظة إقليمية حساسة
. ويجدر التذكير بأن العلاقات السورية المصرية عبر التاريخ كانت محمّلة بروح الدفاع عن القضايا المشتركة ومساندة الشعوب، وفتحت مصر أبوابها دائماً أمام السوريين في سنوات الحرب، فيما شارك السوريون في النهضة الاقتصادية والاجتماعية المصرية بكل وفاء للأرض التي احتضنتهم
من هذا المنطلق، جاءت رسالة والد أحمد الشرع بمثابة خارطة طريق جديدة للدبلوماسية الشعبية، حيث دعا إلى تعزيز الوعي وعدم الانسياق وراء دعاة الفتنة، قائلاً “ليس لدينا إلا مصر والشام، وسنبقى دائماً على عهد الوفاء بين الأشقاء”
. بهذه الرسالة، نجح الشرع في تحويل الحدث من غضب وقطيعة إلى فرصة للتكاتف وتحصين الصف العربي في مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية المستهدفة للعلاقات التاريخية بين شعوب المنطقة










