تشهد الساحة الكويتية حالة من الجدل الواسع بعد تصاعد دعوات شعبية وسياسية لمحاسبة رئيس نادي الكويت الرياضي، خالد علي الغانم، بأثر رجعي، على خلفية سلسلة من التجاوزات المزعومة التي لم تحاسب سابقا، وسط اتهامات بتأثير نفوذ شقيقه مرزوق الغانم، الرئيس السابق لمجلس الأمة.
أحداث مباراة الكويت والقادسية
في 27 سبتمبر 2025، اندلعت أحداث شغب عقب مباراة الجولة الرابعة من دوري زين الكويتي الممتاز بين ناديي الكويت والقادسية، والتي انتهت بنتيجة 2-1 لصالح الكويت. تخللت المباراة احتجاجات عنيفة من الإداريين والجماهير عقب قرار تحكيمي مثير للجدل، أدى إلى فوضى في الملعب وتشابك لفظي وبدني بين الأطراف.
عقوبات صارمة: بداية العد العكسي للمحاسبة
في 28 سبتمبر 2025، أعلنت لجنة الانضباط بالاتحاد الكويتي لكرة القدم فرض عقوبات غير مسبوقة على خالد الغانم، شملت:
غرامة مالية بقيمة 10,000 دينار كويتي.
إيقافه عن حضور المباريات لمدة 3 سنوات.
حرمانه من دخول غرف الملابس والملاعب لنفس المدة.
كما صدرت قرارات ضد أقارب له، بينهم محمد ومشاري خالد الغانم، بحرمانهم من دخول الملاعب لمدة سنة، بتهمة المساهمة في التحريض.
توقيف وتحقيقات أمنية
في خطوة لافتة، أمرت النيابة العامة في 29 سبتمبر باستمرار توقيف خالد الغانم في “نظارة المخفر”، ورفضت إخلاء سبيله. يأتي ذلك ضمن سلسلة من التحقيقات الجارية لكشف المسؤولين عن التصعيد، وسط تأكيدات رسمية على محاسبة كل المتجاوزين، دون استثناءات.
دعوات لتحقيق بأثر رجعي: نفوذ عائلي… وانعدام محاسبة؟
أثارت تغريدة الكاتب الكويتي أحمد السلامي بتاريخ 30 سبتمبر ضجة واسعة على منصة “X”، حيث طالب وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف الصباح بفتح تحقيق شامل بأثر رجعي يشمل كل مخالفات خالد الغانم السابقة، وجاء فيها:
“الأخ وزير الداخلية الشيخ #فهداليوسف المحترم، أرجو أن تأمر بفتح تحقيق في هذه الواقعة بأثر رجعي على #خالدالغانم، حيث لم يحاسب حينها بسبب نفوذ شقيقه #مرزوقالغانم، واليوم نحن في عهد الحزم المشهود له بمحاسبة كل المتجاوزين على القانون بمختلف المراحل السابقة.” هذه الدعوة سرعان ما حصدت أكثر من 200,000 مشاهدة، وتحولت إلى وسم شعبي (#خالدالغانم، #عهد_الحزم)، يستخدم على نطاق واسع لمطالبة الجهات الرسمية بإعادة النظر في قضايا لم يفتح فيها تحقيق سابقا.
ردود الأفعال الرسمية
رغم غياب تعليق مباشر من وزارة الداخلية حتى الآن، فإن الوزير الشيخ فهد اليوسف سبق أن صرح في سبتمبر 2024 بأن “لا أحد فوق القانون”، مشيرا إلى “عهد جديد من المساءلة والعدالة تحت قيادة الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح”.
وفي الوقت نفسه، يشير مقربون من الغانم إلى أن العقوبات الأخيرة “مسيسة”، مستندين إلى تاريخ عائلة الغانم في دعم الرياضة الكويتية، خاصة عبر نادي الكويت، الذي شهد تطورا كبيرا منذ توليهم إدارته.
الخلفية السياسية والاجتماعية
ينتمي خالد الغانم لعائلة سياسية وتجارية بارزة. والده علي ثنيان الغانم ترأس غرفة التجارة، فيما كان شقيقه مرزوق من أبرز الشخصيات السياسية في البلاد منذ عام 2013. ويثير هذا التداخل بين النفوذ السياسي والرياضي جدلا مستمرا حول “الاستثناءات” في تطبيق القانون.
هل تتجه الكويت نحو “تصفية الحسابات القديمة”؟
مع تصاعد الضغط الشعبي، وازدياد الحديث عن ضرورة محاسبة كل من أساء استخدام النفوذ في مراحل سابقة، يبدو أن الكويت تقف أمام اختبار حقيقي لوعودها الإصلاحية.
وإذا استجابت وزارة الداخلية لمطالب التحقيق الرجعي، فإن سابقة خالد الغانم قد تفتح على ملفات أوسع تتعلق بالفساد والتمييز في تطبيق القانون.










