بدأت الأسواق الأمريكية أولى جلسات أكتوبر على تراجع واضح، وسط تصاعد القلق من آثار إغلاق الحكومة الفيدرالية، الذي دخل حيز التنفيذ فجر اليوم.
ورغم التراجع اللحظي في المؤشرات، يظل الاتجاه العام في وول ستريت إيجابيا خلال عام 2025، مدفوعا بحماسة المستثمرين تجاه قطاعات النمو، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي.
تراجع في الأسواق… وقلق من طول أمد الإغلاق
أفادت صحيفة نيويورك تايمز بأن العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 فقدت حوالي 0.4% في تداولات ما قبل الافتتاح.
ويعود هذا الانخفاض إلى حالة عدم اليقين السياسي، لا سيما بعد تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإقالة “العديد” من المسؤولين الحكوميين، وتنفيذ تخفيضات غير قابلة للتراجع في الجهاز الإداري، ما أثار قلق المستثمرين من احتمال امتداد آثار الإغلاق على المدى الطويل.
ورغم أن الإغلاقات الحكومية السابقة لم تؤثر بشكل حاد على الأسواق، إلا أن الخبراء يحذرون من أن إغلاقا طويل الأمد قد يؤدي إلى تأجيل نشر البيانات الاقتصادية الحيوية، ويعيق قرارات السياسة النقدية.
الذهب يقفز لمستوى قياسي تاريخي
في المقابل، واصل الذهب – كملاذ آمن – أداءه القوي، محققا رقما قياسيا جديدا عند 3900 دولار للأونصة (حوالي 3595 يورو).
ويمثل هذا الارتفاع قفزة تقارب 50% منذ بداية العام، وسط حالة من القلق المالي والسياسي والتجاري.
وقال محللون في شركة سوكدن فاينانشال:”نظرا لعدم اليقين المستمر، فمن غير المرجح أن ينعكس الاتجاه الصعودي للذهب في أي وقت قريب.”
وول ستريت… عام استثنائي رغم التوترات
ورغم التراجع الحالي، لا تزال المؤشرات الأمريكية في اتجاه صعودي قوي خلال عام 2025. فقد سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مكاسب تجاوزت 14% منذ بداية العام، مدفوعة بشكل أساسي بالتفاؤل حول فرص الذكاء الاصطناعي والنمو في القطاعات التكنولوجية.
كما حقق المؤشر مكاسب متتالية لخمسة أشهر، مستردا كامل الخسائر التي أعقبت إعلان ترامب عن فرض رسوم جمركية واسعة النطاق على الواردات في وقت سابق من العام.
نقص البيانات الرسمية يربك التوقعات
في ظل الإغلاق، أعلن مكتب إحصاءات العمل عن تأجيل تقرير التوظيف المقرر صدوره يوم الجمعة 3 أكتوبر، ما يعني أن الأسواق ستفتقر إلى واحدة من أهم إشارات صحة الاقتصاد الأمريكي.
وقد يؤدي هذا الغياب للبيانات إلى تعقيد مهمة الاحتياطي الفيدرالي في تحديد توقيت تخفيض أسعار الفائدة، وهو الملف الأكثر ترقبا لدى المستثمرين حاليا.
توصيات وتحليلات
من جهتها، دعت شركة فانغارد للاستشارات المالية المستثمرين إلى التحلي بـ”الانضباط والصبر”، مشيرة إلى أن التوقعات على المدى المتوسط لا تزال إيجابية. كما أكدت على أهمية تنويع المحافظ الاستثمارية في ظل أجواء التقلب وعدم اليقين.
وفي حين شهد سوق السندات والدولار تغيرات طفيفة، يبقى الذهب المؤشر الأوضح على توتر الأسواق وقلق المستثمرين في ظل الوضع السياسي المتأزم.
فيما يترقب المستثمرون ما ستؤول إليه الأيام القادمة، لا تزال الأسواق الأمريكية صامدة أمام رياح الإغلاق الفيدرالي، مدعومة بزخم النمو التكنولوجي.
لكن إذا طال أمد الجمود السياسي، فقد يتحول التراجع المؤقت إلى ضغط حقيقي على الاقتصاد والأسواق العالمية، ما يضع الحكومة الأمريكية أمام تحد مزدوج: إعادة فتح الدولة… واستعادة ثقة المستثمرين.










