شهد السوق السودانية في 2 أكتوبر 2025 يوماً جديداً من التدهور المقلق في سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه السوداني، وسط أجواء ضبابية تعكس حجم الأزمة الاقتصادية الممتدة في البلاد
. وتظهر بيانات اليوم تبايناً فاضحاً بين السعر الرسمي الصادر عن بنك السودان المركزي وأسعار السوق الموازية، حيث بات الفارق بينهما تجسيداً لواقع عدم الاستقرار وغياب السيطرة النقدية، في وقت يترقب الجميع مصير العملة الوطنية.الأسعار: قفزات متواصلة في السوق الموازيسجل الدولار اليوم في البنوك السودانية الرسمية مستويات متدنية نسبياً وصلت إلى حوالي 2418 جنيه سوداني، بينما قفز سعره في السوق السوداء إلى أرقام غير مسبوقة متراوحاً بين 3500 و3620 جنيه للدولار الواحد حسب المنطقة، وهو ما يمثل أعلى مستوى في تاريخ السودان الحديث ويعكس انفلاتاً لسعر الصرف وسط ضعف الرقابة وفقدان ثقة المجتمع الاقتصادي والسياسي
.في التفاصيل:سعر الدولار بالبنوك السودانية الرسمية: 2418 جنيه سوداني
.سعر الدولار في السوق السوداء: من 3500 إلى 3620 جنيه سوداني
.أسباب الانفلات: الحرب وانقطاع الإنتاجواجه الاقتصاد السوداني في العامين الماضيين تدهورًا حادًا بفعل الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، الأمر الذي تسبب في توقف قطاعات حيوية مثل الزراعة والصناعة
. كما لعبت أزمة إنتاج النقد الأجنبي دوراً جوهرياً في تغذية السوق الموازية. فشلت البنوك في توفير الدولار للمستوردين والمواطنين، فأصبحت السوق السوداء الملاذ الوحيد رغم ارتفاع الأسعار
من الأسباب المؤثرة كذلك:ضعف التحويلات الخارجية من المغتربين السودانيين جراء إنعدام الثقة البنكية.وصول الطلب على الدولار لمستويات قياسية مع زيادة السفر الخارجي لأغراض العلاج والتعليم
.الاعتماد المتزايد على طباعة النقود دون غطاء نقدي كافٍ، مما أدى إلى فقدان البنك المركزي سيطرته على السوق.المشهد اليومي: معاناة المواطنين والشركاتولا يقتصر التأثير على الأرقام؛ فالتجار والمستوردون يعيشون حالة شلل شبه كاملة في التعاملات النقدية بالدولار، إذ أغلقت معظم شركات الصرافة أبوابها أو حددت العمليات بكميات ضئيلة جداً. التحويلات الخارجية المكلفة تفاقم من معاناة الأسر السودانية في الداخل والخارج، في حين تعجز البنوك عن الاستجابة لحاجات السوق
.آراء الخبراء حول مستقبل سعر الصرفيشير محللون اقتصاديون سودانيون إلى أن استمرار انفصال السوق الموازية عن السوق الرسمية سيؤدي لمزيد من ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، خاصة إذا لم ترافق المرحلة المقبلة إصلاحات نقدية حقيقية وتدخلات خارجية جادة لإرساء الاستقرار المالي
. بناء على ذلك، يتوقع كثيرون أن الأرقام مرشحة لمزيد من التصاعد وسط مؤشرات على استمرار “جفاف الدولار” بالبنوك وغياب حلول عملية من قبل السلطات
.أسعار العملات الأخرى وتأثيرها على الدولارلم تكن بقية العملات الرئيسية بمنأى عن هذه الفوضى، إذ ارتفع سعر الريال السعودي في السوق السوداء إلى 974 جنيه سوداني، وكذلك اليورو تجاوز 3773 جنيه، والجنيه المصري تخطى حاجز 74 جنيه سوداني بالسوق الموازي مقابل 12.35 جنيه في البنوك
. كل ذلك يشير إلى أزمة موحدة في سوق النقد الأجنبي ومستويات غير مسبوقة من التضخم النقدي جعلت الدولار يتصدر قائمة الأزمات المالية اليومية
.رسائل اليوم للمواطن والسوقالمواطن السوداني يجد نفسه اليوم أمام واقع اقتصادي جديد تزداد فيه أسعار السلع المستوردة يوماً بعد يوم، فتتضاعف تكلفة الخدمات والاحتياجات الأساسية بالعملة المحلية. ولا حلول مطروحة حالياً سوى عبر تدخلات دولية أو قرارات جريئة لإعادة الثقة بالبنوك وضبط السوق السوداء
.وفي خضم أزمة انفلات الدولار على حساب الجنيه السوداني، لا يبدو أن السوق في طريقه إلى الاستقرار؛ بل تلوح الآفاق لموجة جديدة من ارتفاع الأسعار وتوسع التفاوت بين السوقين الرسمي والموازي، ما لم تدخل الحكومة السودانية وحلفاؤها على خط الأزمة بخطة طوارئ تعيد الاعتبار للاستقرار النقدي وتعيد الثقة للمتعاملين والمواطنين











