شهدت محافظتا البحيرة والدقهلية بشمال مصر في الأيام الأخيرة أحداثًا استثنائية مع بدء غمر مياه نهر النيل لمناطق شاسعة ضمن أراضي طرح النهر، عقب ارتفاع غير معتاد في منسوب المياه وتصريف كميات أكبر من المعدلات المتوسطة خلال شهر أكتوبر الحالي
.أسباب ومجريات الأزمةيرجع سبب الغمر إلى زيادة التدفقات المائية القادمة عبر النيل جراء فيضانات كبيرة تأثرت بها دول الحوض، خاصة السودان، وقيام السلطات بإجراءات تصريف مكثفة عبر السد العالي وبوابات التحكم الرئيسية تحسبًا لأي طوارئ تهدد السد والنهر
. وقد أوضحت جهات رسمية أن ما يحدث هو سيناريو متوقع وفقًا لحسابات الفيضان السنوية، إذ تجاوز التصريف هذه المرة المعدل الطبيعي للنهر بشكل ملحوظ، ما أدى إلى تغطية مياه النيل لأراضي طرح النهر بمحافظات البحيرة والدقهلية بصورة غير مسبوقة
.المناطق المتضررة
تركزت تأثُرات الغمر في الأراضي المواجهة لجسور النيل، والعشش والمباني المقامة بالمخالفة على حرم النهر. هذه المناطق، التي تم التحذير من عدم البناء أو الزراعة عليها مرارًا، غمرتها المياه، وظهرت مشاهد المياه تطوق المنازل والمساحات المزروعة مؤدية إلى خسائر مادية وزراعية مباشرة
رصدت الجهات المحلية انهيار عشش في قرى مركز المحمودية والرحمانية في البحيرة، وبعض قرى ريفية غرب الدقهلية على الجهة الشرقية للنيل.تحذيرات وإدارة حكوميةأكد رئيس مجلس الوزراء أن التصرفات المائية هذا الشهر “ستتجاوز المتوسط”، مشيرًا إلى أن الغمر سيطال أراضي وعشش مناطق طرح النهر تحديدًا في المنوفية والبحيرة والدقهلية
. أطلقت وزارة الموارد المائية والري ومحافظات الدلتا تحذيرات رسمية للأهالي ودعت جميع المقيمين أو المتعدين لإخلاء هذه المناطق فورًا حفاظًا على سلامتهم، مشددةً أن هذه الأراضي جزء من القطاع المائي للنهر ومخصصة لاستيعاب الفيضانات
.الأضرار الأولية والتقديراتتشير المعلومات الأولية إلى تضرر العديد من الحيازات الزراعية، ونفوق الثروة الحيوانية بقرى عدة في غرب ووسط الدلتا، مع خسائر مباشرة في بعض منازل الصيادين والمُزارعين. وأوضحت تقارير محلية أن شكاوى من قِبَل المتضررين بشأن فقدان محاصيل الذرة والأرز، إضافة إلى صعوبات في الحركة وتعطل خطوط الكهرباء عن عدة مناطق متاخمة لحرم النهر
.خلفيات علمية وحلول
يأتي الفيضان الحالي ضمن سلسلة من الفيضانات التي تضرب دول حوض النيل تزامنًا مع تصريف كميات زائدة بسبب الأمطار الموسمية في الهضبة الإثيوبية وزيادة تدفقات النيل الأزرق، ما زاد الضغط وخطر الفيضانات في جميع المحافظات المتاخمة لمسار النيل الرئيسي
أطلقت الحكومة خطة طوارئ بالتعاون مع المحافظين، تضمنت إخلاء عاجل للمناطق المعرضة للغرق، ورفع درجة الاستعداد في قطاعات الحماية المدنية والإغاثة الطبية، وتدعيم الجسور الترابية لمنع توغل المياه للقرى القديمة
. وأجرت وزارة الري غرفة عمليات لمتابعة المنسوب وضبط التصريف عبر السدود لتقليل الأثر على المدن الرئيسية.الجدل حول استخدام أراضي طرح النهرأعادت الأزمة النقاش حول انتشار ظاهرة التعدي بالبناء أو الزراعة في الأراضي المطلة مباشرة على النهر. وشدد رئيس الوزراء على أن “طرح النهر ليس مخصصًا للسكن أو الزراعة بل هو جزء من منظومة الحماية الطبيعية ضد الفيضانات”، مع تحذير بأن أي أنشطة غير قانونية في هذه المناطق تعرّض حياة الناس للخطر، ما استدعى بدء حملات حكومية لإزالة التعديات
.رؤية مستقبلية وإجراءات مقترحةيمثل غمر مناطق في البحيرة والدقهلية تحديًا مستمرا أمام الدولة والمزارعين. وتسعى الحكومة لضبط التعديات مستقبلاً والتأكيد على عدم العودة لاستغلال أراضي طرح النهر في أغراض غير قانونية، مع تعزيز المخزون الاستراتيجي لمياه الشرب ومراجعة البنية التحتية للمرافق في القرى القريبة من النيل.تؤكد الأزمة الحالية على أهمية الوعي البيئي والالتزام بتعليمات الدولة وإخلاء المناطق المحظورة وقت الأزمات، ودور الدولة في حماية المواطنين وتقليل الخسائر خلال حالات الطوارئ المائية










