في إطار جهود الحكومة المصرية ضمن “رؤية مصر 2030” واستراتيجيتها الوطنية للغذاء، برزت تحذيرات طبية من خطورة امتناع بعض الأمهات عن الرضاعة الطبيعية دون أسباب صحية، وهو ما يعرّض حياة الأطفال لمخاطر جسيمة.
فقد كشفت الطبيبة الروسية داريا دورونينا، المتخصصة في طب الأطفال والرضاعة والتغذية وأمراض الجهاز الهضمي، في تصريحات لـRT، أن عدداً متزايداً من الأمهات المصريات يلجأن إلى الاعتماد على الحليب الصناعي، الأمر الذي يؤدي إلى انقطاع إنتاج الحليب الطبيعي المصمم خصيصاً لكل طفل، وبالتالي حرمانه من المعادن والمغذيات الضرورية لمناعته ونموه.
مخاطر الحرمان من الرضاعة الطبيعية
بحسب تقرير جديد صادر عن اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية، فإن نحو 78 مليون رضيع حول العالم (3 من كل 5 أطفال) لا يحصلون على الرضاعة الطبيعية خلال الساعة الأولى بعد الولادة، ما يجعلهم أكثر عرضة للوفاة والأمراض، ويقلل من فرص استمرارهم في الحصول على حليب الأم لاحقاً.
في مصر، تراجعت معدلات البدء المبكر في الرضاعة الطبيعية من 40% عام 2005 إلى 27% عام 2014، بالتزامن مع ارتفاع معدلات الولادة القيصرية من 20% إلى 52%. وتشير البيانات إلى أن 19% فقط من الأطفال المولودين قيصرياً يحصلون على الرضاعة الطبيعية خلال الساعة الأولى، مقابل 39% من الأطفال المولودين طبيعياً.
فوائد الرضاعة الطبيعية
أوضحت الطبيبة الروسية أن حليب الأم يحفز نمو الطفل ويعزز جهازه المناعي، ويحميه من أمراض الجهاز الهضمي مثل الالتهابات، الإمساك والإسهال.
وأضافت حليب الأم أن يقلل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب، ويسهم في تطور الدماغ وزيادة نسبة الذكاء مقارنة بالتغذية الصناعية، ويحسن من قدرات السمع والبصر.
كما أن الرضاعة الطبيعية تحمل فوائد كبيرة للأم، إذ تساعد على إعادة الرحم إلى وضعه الطبيعي بفضل إفراز هرمون الأوكسيتوسين، وتقليل مخاطر الإصابة بسرطان الثدي والمبيض والرحم.
وكذلك الحد من الاكتئاب والتوتر بعد الولادة، والمساهمة في فقدان الوزن المكتسب أثناء الحمل.
تحديات تواجه مصر
يشير خبراء الصحة إلى عدة عوامل وراء تراجع معدلات الرضاعة الطبيعية المبكرة، أبرزها انتشار ممارسات تقليدية مثل تغذية الطفل بالعسل أو الماء المحلى بدلاً من لبن اللِّبَأ (المعروف بـ “اللقاح الأول”).
وكذلك ارتفاع معدلات العمليات القيصرية الاختيارية، وضعف التوعية الصحية وقصور الدعم المقدم للأمهات داخل المستشفيات.
دعوة لاتخاذ إجراءات
حث تقرير اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية الحكومات على فرض قيود صارمة على تسويق الحليب الصناعي وتعزيز حملات التوعية، إلى جانب تشجيع التلامس المبكر بين الأم والطفل فور الولادة لضمان حصوله على “لبن اللِّبَأ” الغني بالأجسام المضادة.
وخلص الخبراء إلى أن الرضاعة الطبيعية في الساعة الأولى بعد الولادة قد تنقذ حياة مئات الآلاف من الأطفال سنوياً، مما يستدعي سياسات أكثر حزماً وتعاوناً بين الحكومة والقطاع الصحي والمجتمع المدني في مصر للحد من العادات الخطيرة وتعزيز ثقافة الرضاعة الطبيعية.










