تشهد مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، تصاعداً غير مسبوق في وتيرة المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وسط حالة حصار خانق وأوضاع إنسانية متدهورة، وتهديدات متواصلة على حياة المدنيين في المنطقة التي باتت ساحة لصراع حاسم بين الأطراف المسلحة بحثاً عن السيطرة
. فالفاشر تمثل آخر مدينة استراتيجية تحت سيطرة الجيش في إقليم دارفور بعد سقوط أربع ولايات أخرى بيد الدعم السريع، الأمر الذي جعل معركة الفاشر معركة وجود ورمزية سياسية وعسكرية للطرفين
.تفاصيل الميدان: تقدم حذر وحصار مدمرخلال الأسبوعين الماضيين، شن الجيش السوداني عملية إنزال جوي ضخمة لإمداد قواته المحاصرة بالسلاح والمؤن داخل المدينة بهدف كسر الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع منذ أشهر
. وكشفت بيانات الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش أنها تمكنت، بدعم الإمدادات الجديدة، من تنفيذ عمليات نوعية ألحقت خسائر كبيرة بالدعم السريع، بما في ذلك القضاء على مجموعات من المرتزقة الأجانب (كولومبيين وأوكرانيين)، كانوا يعملون في مجال تشغيل المسيّرات والمنظومات القتالية وتقديم الدعم الفني والتخطيط العسكري
.بالتوازي مع ذلك، واصلت قوات الدعم السريع قصفها المدفعي وانتقامها من التجمعات المدنية ومراكز الإيواء في الفاشر، خاصة مخيمات النازحين، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال ونساء، وشهدت مستشفيات المدينة اكتظاظاً شديداً في ظل نقص حاد في الإمدادات الطبية والغذائية
. المصادر الأممية وثّقت مقتل ما لا يقل عن 91 مدنياً خلال عمليات القصف بين 19 و29 سبتمبر، وأكدت تفاقم أزمة الجوع والمرض بفعل تعمد الدعم السريع منع وصول الإغاثة والدواء للمدنيين المحاصرين
.أوضاع إنسانية كارثية: دولية ومحلية تطالب بالتحركمن جانبها حذرت الأمم المتحدة مراراً من أنّ الفاشر على شفا “كارثة إنسانية كبرى”، ودعت إلى وقف فوري للهجمات، ورفع الحصار عن المدينة، والعمل على حماية المدنيين وتوفير ممرات آمنة لخروج النازحين وتدفق المساعدات
. كما أصدرت عدة منظمات إنسانية تقارير تُظهر أنّ نقص الغذاء والخدمات الطبية بلغ مستويات حرجة، فيما تُعتبر الفاشر منطقة المقاومة الأخيرة في دارفور بالنسبة لسكان الإقليم المعارضين للدعم السريع
.التحولات العسكرية والسياسيةتمثل معركة الفاشر نقطة تحوّل في مسار النزاع السوداني؛ فهي بمثابة اختبار للقدرة العسكرية والرمزية السياسية للجيش السوداني ومدى صموده أمام هجمات الدعم السريع التي تتسم بالوحشية واستخدام المرتزقة والتكنولوجيا العسكرية مثل الطائرات المسيّرة
. المتابعون يرون أن نجاح الجيش في كسر الحصار أو الحفاظ على المدينة سيقلب ميزان القوة في دارفور برمته
, بينما أي اختراق للدعم السريع سيعني سيطرة شبه كاملة على الإقليم وتصاعد مخاوف ارتكاب مزيد من الفظائع بحق المدنيين
“”تقدم معارك الفاشر صورة مأساوية ومعقدة عن مستقبل الصراع السوداني، وتكشف عن مستويات غير مسبوقة من عنف الأطراف، مأزق المساعدات الإنسانية، وصراع النفوذ الذي صار على حساب الاستقرار وحياة آلاف المدنيين









