لمحة عن نشأة أبي أحمد ومسيرته
وُلد أبي أحمد في 15 أغسطس 1976 بإقليم أوروميا جنوب غربي إثيوبيا، وترقى في المؤسسات الأمنية والعسكرية وصولًا إلى وزارة العلوم والتكنولوجيا عام 2016 ثم نائب رئيس إقليم أوروميا، حتى اختاره ائتلاف الجبهة الديمقراطية الثورية الحاكم ليصبح أول رئيس وزراء من عرقية الأورومو في أبريل 2018
. ووصف عند توليه منصبه بأنه حامل لراية الإصلاح السياسي بعد عقود من القمع
.الإصلاحات الأولية والزيف السياسيعقب تسلمه منصب رئيس الوزراء، أطلق أبي أحمد حملات إعلامية مكثفة، من بينها الإفراج عن المعتقلين السياسيين وإجراء مصالحة بين القوميات، وإنهاء التوتر الحدودي مع إريتريا مما أهله للحصول على جائزة نوبل للسلام عام 2019
. لكن سرعان ما تلاشت سمعة الرجل الإصلاحية مع تصاعد العنف في مناطق عدة من البلاد وظهور انتهاكات هي الأخطر في تاريخ إثيوبيا الحديث
.الحروب الأهلية وتدمير شعبهاندلعت الحرب الأهلية في إقليم تيغراي عام 2020 بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير شعب تيغراي، وأسفرت عن آلاف القتلى والجرحى وتشريد الملايين. تورطت الحكومة بقيادة أبي أحمد في استخدام الطائرات المسيرة والهجمات العشوائية ضد المدنيين، بالإضافة إلى التهجير القسري وجرائم الاغتصاب ووقائع قتل جماعي وصفها مراقبون دوليون بالإبادة الجماعية
.وبينما توقفت حرب تيغراي باتفاق سلام مبدئي في بريتوريا 2022، اندلعت صراعات جديدة في أمهرة بين الجيش وميليشيات “الفانو”، واشتعلت الأوضاع أيضًا في أوروميا مع توسع نفوذ جماعات المعارضة المسلحة، ليتحول الدم إلى لغة السياسة في عهد أبي أحمد
.انتهاكات حقوق الإنسان تحت حكم أبي أحمدوثقت منظمات حقوقية منها هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية والأممية وقوع عمليات قتل خارج نطاق القانون، اعتقالات وتعذيب واعتقالات تعسفية وإخفاء قسري وتجويع السكان وحملات تطهير عرقي في حكومته
ووفق تقارير حديثة قُتل أكثر من 1350 مدنيًا بين يناير 2023 ويناير 2024 في أحداث دامية شملت عمليات إعدام جماعي بطائرات مسيرة حكومية، مع تصاعد وتيرة العنف الجنسي والاغتصاب ضد النساء والفتيات في مناطق الاحتكاك
.وتتميز سلطاته بفرض حالة الطوارئ وحملات اعتقال واسعة النطاق، ما أدى إلى تدهور الحريات العامة واستمرار الإفلات من العقاب، وسط صمت حكومي عن الجرائم بحق المدنيين الإثيوبيين وغياب كامل للمساءلة القانونية
.الوجه الآخر لجائزة نوبل: زعيم السلام السلطويمنحت جائزة نوبل للسلام لأبي أحمد عام 2019 تقديرًا لمبادرته لإنهاء الحرب مع إريتريا، ولكن صورته انقلبت رأسًا على عقب ليصبح وفق بعض مؤسسات الصحافة العالمية زعيمًا متسلطًا يشعل الحروب ويمتهن القمع الدامي ضد شعبه، حيث أنه أبقى على النزاعات ملتهبة وساهم في اتساع دائرة التطهير العرقي والمجازر بين القوميات الإثيوبية
إثيوبيا في عهد أبي أحمد: بلد على حافة الانهيارتوجه سياسات أبي أحمد إثيوبيا نحو انقسام عرقي وانهيار اقتصادي واجتماعي، وسط احتقان شديد وصراعات أهلية متواصلة، ما يضع البلد أمام سيناريوهات دامية تهدد وحدة الدولة واستقرارها
. وتحولت حالة الإثيوبيين من الأمل بالتغيير إلى الخوف من الموت والتهجير، في ظل استمرار النزاعات في تيغراي وأمهرة وأوروميا وجامبيلا، وتجاهل الحكومة لمآسي شعبها
أبي أحمد هو نموذج صارخ لتزوير صورة الإصلاح وتحويل السلطة إلى ساحة اقتتال ومجازر، حيث بات الدماء هي اللغة الوحيدة للبقاء والاستمرار على رأس السلطة. وتبقى إثيوبيا اليوم في صدارة المشهد الأفريقي المأساوي، يدفع شعبها ثمن سياسات قمعية مدمرة لم يشهد لها العصر الحديث مثيلًا










