تشهد محافظة المنوفية في الأيام الأخيرة أزمة إنسانية حادة نتيجة ارتفاع غير مسبوق في منسوب مياه نهر النيل، ما أدى إلى غرق عشرات المنازل في مناطق طرح النهر، خاصة في قرية دلهمو التابعة لمركز أشمون، وامتداد الكارثة ليشمل مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والمباني المقامة على جوانب مجرى النهر
وقد أطلقت الجهات الرسمية تحذيرات عاجلة للمواطنين بإخلاء هذه المناطق حفاظًا على سلامتهم في ظل استمرار تدفق المياه وتصاعد المخاوف من توسّع رقعة الغرق خلال شهر أكتوبر الجاري
.الأسباب والتداعياتأوضح الخبراء والمعنيون في وزارة الري أن سبب الغرق يعود إلى ارتفاع التصريف السنوي الطبيعي لمياه النيل بالتزامن مع فتح بوابات السد العالي نتيجة السيول القادمة من السودان وتصريف المياه بطريقة أحادية من سد النهضة الإثيوبي، وهو ما أدى لتدفّق كميات ضخمة من المياه نحو شمال مصر
. وساهمت التعديات على مجرى النهر بالبناء والردم المخالف في تراجع قدرة استيعاب النهر من أكثر من 300 مليون متر مكعب يوميًا إلى نحو 80 مليونًا فقط، مما ضاعف الأزمة وحوّلها إلى كارثة سنوية متكررة مع كل موسم فيضانات
.وتشير الأرقام الصادرة عن المحافظة إلى غرق نحو 1134 فدانًا من أراضي طرح النهر منذ بداية موسم الفيضان، موزعة على مراكز أشمون (786 فدانًا)، منوف (62 فدانًا)، السادات (70 فدانًا)، والشهداء (35 فدانًا)، بالإضافة إلى عشرات المنازل وخاصة في قرية دلهمو التي لجأ سكانها للمراكب أو حمل أطفالهم على الأكتاف للعبور وسط المياه
.رد فعل الحكومة وتحذيرات السلطاتسرعان ما أصدرت رئاسة مركزي منوف وأشمون بيانات حازمة تطالب بإخلاء المنازل والأراضي الواقعة على طرح النهر فورًا، مع وقف أي نشاط زراعي مؤقتًا، إلى حين استقرار منسوب المياه، حرصًا على الأرواح والممتلكات
. كما دعا محافظ المنوفية ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى توخي الحذر، مؤكّدين أن استمرار التصرفات الأحادية لسد النهضة من الجانب الإثيوبي يزيد من خطر الفيضان خلال الفترة المقبلة، وأن أكتوبر يشهد عادةً أعلى معدلات تصريف للمياه
.معاناة الأهالي وانعكاس الأزمةتداول الأهالي قصصًا مؤلمة مع اتساع الأزمة؛ فقد غرقت مقتنيات الأسر، وتلفت المحاصيل، وأصبح الوصول اليومي للمدارس والأعمال يتطلب استخدام مراكب صغيرة أو السباحة عبر المياه، وباتت الأفراح والمناسبات تقام وسط حالة من الحزن والغرق. في إحدى الوقائع اضطر شاب لإدخال عروسه إلى منزل غمرته المياه مثل باقي بيوت القرية، واختفت مظاهر الحياة الطبيعية تقريبًا
.من جانبها تتابع الأجهزة التنفيذية والمجالس المحلية الموقف على مدار الساعة، ويتم التنسيق مع الدفاع المدني والزراعة لتقديم الدعم ومساعدة الأهالي في إخلاء المنازل وإنقاذ المحاصيل عند الإمكان، وسط مطالبات شعبية بتعويضات مالية عاجلة للمتضررين وضرورة إيجاد حلول جذرية لهذه الأزمة الموسمية
.










