شهدت مدينة مانشستر البريطانية صباح الخميس، الموافق 2 أكتوبر 2025، هجومًا دمويًا أمام كنيس هيتون بارك اليهودي في منطقة كرومبسال، وذلك أثناء إحياء الجالية اليهودية ليوم الغفران، وهو من أهم المناسبات الدينية لدى اليهود
. ويُعدّ الكنيس المستهدف من أكبر المعابد اليهودية في المدينة ويضم جالية يهودية واسعة
. خلال هذا الحدث الديني، كان حشد كبير من المصلين يتجمع أمام بوابة الكنيس.تفاصيل الهجوم وأسلوب التنفيذبحسب روايات الشرطة والشهود، بدأ الهجوم حين قام المهاجم، جهاد الشامي، البريطاني من أصل سوري ويبلغ 35 عامًا، بقيادة سيارته بسرعة فائقة ودهس حشد المصلين الخارجين من الكنيس، ثم ترجل وواصل الاعتداء بسكين، مما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة أربعة آخرين بإصابات خطيرة، من بينهم حارس أمن للكنيس
.وبحسب إفادات رسمية فإن المهاجم كان يرتدي سترة ناسفة زائفة، في محاولة لإثارة الذعر وحجز المزيد من الرهائن، قبل أن تتدخل قوة من الشرطة المسلحة وترديه قتيلاً خلال دقائق معدودة من وصول البلاغات
.الاستجابة الأمنية والطبّيةاستنفرت قوات الأمن البريطانية جميع الموارد، حيث هرعت سيارات الإسعاف والصحة والطوارئ فور تلقي البلاغ وقامت الشرطة بإغلاق المنطقة بالكامل خشية وجود متفجرات إضافية في سيارة المهاجم أو حول الكنيس
. وقامت وحدة تفكيك المتفجرات بفحص السيارة واتضح فيما بعد أن السترة التي ارتداها المهاجم لم تكن حقيقية، مما قلل احتمالية تهديد إضافي
.وتعاملت الشرطة مع الحادث باعتباره هجومًا إرهابيًا، ودعت المجتمع المحلي إلى تجنب المنطقة حتى إشعار آخر، بينما تم نقل المصابين إلى المستشفى، ووصفت إصابات بعضهم بالحرجة
.الأبعاد الدينية والاجتماعية والمعنويةوقع الهجوم خلال عيد الغفران، ما أضفى عليه صدى من الهلع في الشارع البريطاني عمومًا وفي أوساط الجالية اليهودية خصوصًا، إذ اعتبر بمثابة استهداف متعمّد في أكثر أيامهم قداسة
. وامتدت ردة الفعل عالميًا، إذ دان رئيس الوزراء الإسرائيلي الحادث، وأعرب عن تضامن بلاده مع اليهود البريطانيين، كما صدرت إدانات قوية من الأمم المتحدة وعدد من قادة الاتحاد الأوروبي
.وأعرب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن “فزعه البالغ” وألغى مشاركته في قمة سياسية أوروبية لتولي الاستجابة الحكومية، متعهدًا تعزيز الإجراءات الأمنية في الكنس اليهودية بكافة أنحاء بريطانيا ومخاطبًا الجالية بأن “بريطانيا ستقف دائمًا ضد الكراهية العرقية والدينية”
.التحقيقات والمخاوف من تصاعد معاداة الساميةلا تزال دوافع المهاجم قيد التحقيق، وسط ترجيحات قوية بأنه يحمل نزعة أيديولوجية متطرفة. وأشار مسؤولو الأمن إلى اعتقال شخصين آخرين على صلة بالحادث، بينما تتواصل عمليات التحري في محيط الكنيس لاستبعاد أي تهديدات إضافية محتملة
. وتتصاعد الهواجس الآن في أوساط المجتمع اليهودي البريطاني من موجة جديدة من الحوادث المعادية للسامية، خاصة في ظل تزايد التوترات الدولية المرتبطة بالصراعات في الشرق الأوسط
.وطالب مجلس اليهودية البريطانية ومؤسسة حماية المجتمع اليهودي بتعزيز الحراسات والإجراءات الأمنية، وصدرت تحذيرات رسمية بضرورة إبقاء الأبواب مغلقة وتجنب التجمعات العامة لأفراد الجالية ريثما تنجلي ملابسات الهجوم
.موجة صدمة ورسائل تضامنالهجوم على كنيس مانشستر وصفته وسائل الإعلام البريطانية بـ”الحدث الإرهابي الأشد قسوة” بحق اليهود في المملكة المتحدة منذ سنوات. وقد عبر الملك تشارلز الثالث والملكة كاميلا عن حزنهما العميق، ووصلت موجات التضامن والمواساة من مختلف المكونات السياسية والدينية داخل بريطانيا وخارجها، مع تأكيدات على اعتبار دور العبادة فضاءات للسلام وليست للصراع أو الكراهية
.وفي حين تتابع الشرطة تحقيقاتها لمعرفة الشبكة أو الدوافع المرتبطة بالجريمة، يبقى الشارع البريطاني تحت وقع القلق والترقب، فيما يحاول المجتمع تجاوز المحنة برسائل وحدة وتضامن واسعة
.هكذا تبقى مانشستر مدينة جريحة، لكن الحادث يغدو ناقوس خطر يحتم استنفار المجتمع كله لمحاربة الكراهية بكافة أشكالها وصد هجمات التطرف قبل حدوثها من جديد.











