في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في بنغلاديش خلال العام الجاري، وجدت ميجنا علم، ملكة جمال الأرض السابقة والناشطة الاجتماعية، نفسها في قلب عاصفة وطنية ودبلوماسية، بعد أن كشفت عن تفاصيل علاقة جمعتها بالسفير السعودي السابق في دكا عيسى يوسف الدحيلان، تحولت سريعا إلى أزمة سياسية وإعلامية كبرى.
بداية القصة: هدايا من “السفير القوي”
تعود تفاصيل الحكاية إلى سبتمبر/أيلول الماضي، حين التقت ميجنا بالسفير السعودي في مناسبة رسمية بالعاصمة دكا. وبحسب روايتها لصحيفة الإندبندنت البريطانية، فقد أبدى السفير اهتماما كبيرا بها، وأغرقها بالهدايا، من نسخة من القرآن الكريم وسجادة صلاة إلى مجوهرات و200 كيلوغرام من التمر مرفقة ببطاقة كتب عليها: “هدية من ملك السعودية”.

تقول ميجنا: “أعجبت به لأنه بدا قويا وصادقا، لكنه كان سريع الخطى بطريقة أربكتني.”
غير أن العلاقة التي وصفتها بأنها “رومانسية وعاصفة” لم تدم طويلا، إذ سرعان ما تلقت اتصالا من امرأة قدمت نفسها على أنها زوجة السفير، لتخبرها بأنه “يخدعها”.
من الرومانسية إلى الفضيحة
تؤكد ميجنا أنها أعادت معظم الهدايا وطالبت السفير بتوضيح الشائعات التي لاحقتها، خصوصا بشأن حمل مزعوم وإجهاض، وهي روايات نفتها بشدة. لكن الضرر كان قد وقع، إذ تصدرت القصة عناوين الصحف ومواقع التواصل، وبدأت شركات عدة بقطع عقود التعاون معها، ما شكل انهيارا لمستقبلها المهني.

التحقيق والاعتقال
في أبريل/نيسان 2025، داهمت الشرطة منزل ميجنا في دكا بعد خلافها مع السفير، واقتيدت إلى منشأة سرية حيث خضعت لاستجواب استمر يومين، دون إذن قضائي أو حضور محام، وفق روايتها.
ووجهت إليها تهم تشمل الاحتيال والإضرار بالعلاقات الخارجية وابتزاز دبلوماسيين أجانب، بموجب قانون “الصلاحيات الخاصة” الذي كثيرا ما ينتقد بسبب استخدامه في الاعتقالات التعسفية.
أمر القضاء باحتجازها ثلاثين يوما قبل الإفراج عنها بكفالة، في أعقاب حملة تضامن واسعة قادتها منظمات حقوقية وناشطات بارزات في البلاد.

اختفاء السفير السعودي
بالتزامن مع توقيفها، تقول ميجنا إن السفير السعودي غادر البلاد فجأة، “اختفى في اليوم نفسه الذي تم اعتقالي فيه… ألغى رقمه وحذف حساباته من الإنترنت.”
وأفادت تقارير بأن السلطات البنغلاديشية لم تتلق أي توضيح رسمي من الرياض حول مغادرته المفاجئة.
اتهامات متبادلة
تزعم السلطات البنغلاديشية أن ميجنا، إلى جانب رجل الأعمال محمد ديوان سمير، خططا لاستدراج دبلوماسيين أجانب وابتزازهم ماليا، مشيرة إلى “شبكة منظمة تستخدم نساء جميلات لإغراء الدبلوماسيين ورجال الأعمال الأثرياء.”
في المقابل، تنفي ميجنا كل تلك الاتهامات، وتؤكد أنها “ضحية تلاعب سياسي ودبلوماسي”.

انتقادات دولية
أعربت منظمة العفو الدولية عن “قلقها العميق” إزاء طريقة توقيف ميجنا، واعتبرت أن ما جرى “انتهاك صارخ للإجراءات القانونية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان”.
كما وجهت 27 ناشطة ومحامية وأكاديمية بنغلاديشية رسالة إلى الرئيس المؤقت محمد يونس، طالبن فيها بالإفراج عنها ومحاسبة المسؤولين عن احتجازها.
من منصة التتويج إلى قفص الاتهام
فازت ميجنا علم بلقب ملكة جمال الأرض – بنغلاديش 2020، وتعرف بدفاعها عن قضايا البيئة وتمكين النساء.
منذ الإفراج عنها، تعيش مع والديها في دكا، وتحضر جلسات المحكمة حاملة بعض الهدايا التي تلقتها من السفير — القرآن وسجادة الصلاة — كرمز على “نقاء نواياها”.

تقول بأسى: “لقد جعلوني أبدو وكأنني عار على المجتمع… لكنني لست مجرمة. أردت فقط الحقيقة والاحترام.”
قضية تتجاوز الأفراد
تكشف هذه القضية عن هشاشة وضع النساء في الحياة العامة في بنغلاديش، وعن تقاطع السياسة والدبلوماسية مع العدالة الجنائية.
ورغم مرور عام على بدايتها، ما زالت فصولها مفتوحة، في ظل غياب السفير السعودي وغيوم الشك التي تلاحق ملكة الجمال السابقة، التي تحولت قصتها إلى رمز لصراع بين النفوذ والعدالة في واحدة من أكثر القضايا غرابة في جنوب آسيا.










