جدل في المغرب بعد دعم توكل كرمان لاحتجاجات جيل زد 212
أثار دعم توكل كرمان لاحتجاجات المغرب موجة غضب وانتقادات واسعة في الأوساط المغربية، بعدما اعتُبر تمجيدها لخطاب الشارع وتحريضاً على التصعيد يتنافى مع رمزية جائزة نوبل للسلام التي تحملها.
وجاء الجدل على وقع اتساع احتجاجات شبابية لقوى تطلق على نفسها جيل زد 212، وما رافقها من مطالب اجتماعية واتهامات باستخدام القوة المفرطة وتوقيفات، ما وفّر أرضية حساسة لتداعيات أي مواقف خارجية تصبّ الزيت على نار سجال داخلي محتدم.
تغريدة تشعل الجدل
في 2 و3 أكتوبر، نشرت الناشطة اليمنية الحائزة على نوبل للسلام توكل كرمان تدوينات وفيديوهات على منصات اجتماعية تشيد بما وصفته “المغرب الهادر والثائر”، في صياغات رآها منتقدون تمجيداً للتصعيد والتقابل مع الدولة، فيما اعتبرها آخرون تضامناً مع حراك شبابي رقمي ضد الفساد واللامساواة. منشور 2 أكتوبر على إكس تضمّن عبارة: “مجدداً الربيع يعاود جولته من المغرب العربي، المجد للمغرب الهادر والثائر”.
موقع Le12.ma اتهم كرمان بإطلاق عبارات من قبيل “المظاهرات تقترب من القصر” و”ربيع جديد يلوح من المغرب الهادر الثائر”، واعتبر الخطاب تحريضياً ومنافياً لرسالة السلام، في تعبير صادم عن حالة غضب إعلامي وشعبي مغربي تجاه ما اعتُبر تدخلاً في شأن داخلي حساس.
غضب ونقد مغربي
صحيفة زنقة 20 عنونت: “توكل كرمان الحاصلة على نوبل للسلام تحرض على أعمال العنف بالمغرب”، في إطار موجة تغطية نقدية تربط بين خطاب “الربيع” المقترح من الخارج وتجارب انهيار في دول عربية شهدت تفككاً مؤلماً عقب فترات احتجاج واضطراب سياسي.
من جهته، نشر موقع مدار21 مقال رأي بعنوان “توكل كرمان.. عرّابة التخريف السياسي وصناعة الوهم”، واعتبر أن قراءة الاحتجاجات كتمرّد على النظام ضرب من إسقاط تجارب فاشلة على واقع مغربي مختلف في توازناته، ما يعكس مقاومة محلية لأي “ركوب للموجة”.
سجال على المنصات
توسّع الجدل إلى منصات الفيديو، حيث ظهر المعارض اليمني علي البخيتي في مقطع بعنوان “علي البخيتي يهاجم توكل كرمان ويدعو المغاربة إلى التمسك بنظامهم الملكي: أنتم زهرة الأوطان العربية”، محذّراً من استنساخ سيناريوهات الربيع العربي على الحالة المغربية. المقطع رسّخ اتجاهًا عربيًا مؤيدًا للاستقرار في مواجهة دعوات التصعيد.
في المقابل، نشّطت منظمات وشبكات حقوقية دوائر تضامن مع احتجاجات المغرب الشبابية، إذ ظهرت على موقع “صحفيات بلا قيود” مادة بعنوان “الوقوف مع شباب المغرب”، ما يعكس انقساماً بين من يقرأ الاحتجاجات كشأن اجتماعي داخلي ومن يراها جزءاً من موجة شبابية عابرة للحدود.
خلفية الاحتجاجات والشعار الشبابي
انطلقت احتجاجات شبابية متفرقة أواخر سبتمبر في مدن مغربية عدة بقيادة هويات رقمية ولا مركزية تحمل اسم “جيل زد 212” على منصات تيك توك وإنستغرام وديسكورد، مع مطالب اجتماعية واضحة في التعليم والصحة وفرص العمل ومحاربة الفساد، بينما اتجهت السلطات إلى تفريق تجمعات وجرى تسجيل توقيفات وإصابات مع تزايد حدة المواجهات في بعض الليالي. بي بي سي ودويتشه فيله ولوموند قدّمت قراءات متقاطعة للحراك وأسبابه.
دعت منظمة العفو الدولية في 2 أكتوبر إلى وقف “الاستخدام المفرط للقوة” عقب حملة توقيفات، مشيرة إلى توسع رقعة الاحتجاجات وتحوّلها في بعض الليالي إلى صدامات متفرقة مع قوى الأمن وإصابات بين مدنيين وأفراد أمن، ما يعقّد مشهد الاستجابة الأمنية.
بين التضامن والتدخل
أنصار توكل كرمان ونشطاء يساريون وعابرون للحدود قدّموا موقفها كتضامن مع “جيل زد” المغربي في وجه الفساد واللامساواة، لا سيما أن سردية “جيل زد 212” باتت في صلب تقارير دولية تتناول موجة عالمية من احتجاجات شبابية. تحليل دولي وتغطية فرنسية وضعا المغرب في قلب موجة رقمية-ميدانية واسعة.
في المقابل، يُجمع طيف واسع من المعلقين والإعلاميين المغاربة على توصيف خطاب كرمان كتدخل سافر في شأن داخلي، ويُنظر إليه كمحاولة لركوب موجة احتجاجية ذات مطالب اجتماعية وتحميلها دلالات سياسية قصوى، كما ظهر في Le12.ma وزنقة 20 والدار.
اتهامات بالتحريض ومطالب رمزية
تراوحت الردود بين الاتهام بـ”التحريض على العنف” وطلب “ترك المغرب وشأنه”، وبين دعوات رمزية للتشكيك في “رمزية نوبل” لمن يروّجون—وفق هذا المنظور—لخطابات الفوضى، وهي عبارات عكستها عناوين هجومية من قبيل “نوبل الظلام” في الصحافة المغربية. Le12.ma وضعت الخطاب في تناقض لفظي مع “السلام”.
ورغم أن أي مطالبات بسحب الجائزة تحتاج مسارات مؤسساتية معقدة، تبدو الصورة أقرب إلى موجة رأي عامة تستنكر الخطاب وتراه مضراً بالسلم المدني، مقابل تأكيدات حقوقية على الحق في الاحتجاج السلمي ورفض القمع خارج إطار القانون. بيان العفو يعكس هذا التوازن الصعب.
سياق أوسع للاحتجاجات
تشير تقارير دولية إلى أن البطالة بين الشباب وضغوط المعيشة وشعوراً بغياب العدالة—خصوصاً مع استثمارات ضخمة لاستضافة كأس العالم 2030—مثّلت خلفية موضوعية للاحتجاجات تحت لواء “جيل زد 212”. بي بي سي ودويتشه فيله وثّقتا جانباً من هذه الأسباب.
وبينما ظلّت معظم التحركات سلمية في أيامها الأولى، تفيد روايات حقوقية وإعلامية بتصاعد العنف في ليالٍ معينة وإحراق ممتلكات واشتباكات، ما ولّد حلقة تبادلية من التصعيد تعقّد تأويل أي خطاب خارجي على أنه مجرد تضامن غير مُسيّس. العفو الدولية ولوموند والملف الموسوعي قدّمت شذرات من هذا المشهد.
اللغة تصنع الوقائع
في بيئة محتقنة، يصبح لعبُ الألفاظ دوراً بالغ الحساسية: فالتلويح بمفردات “الربيع” و”الاقتراب من القصر” يتخطّى حدود التضامن الأخلاقي إلى تسييسٍ فاقعٍ قد يبدّل تأويل الشارع لما يجري، ويعيد إنتاج استقطاب بين سرديتي “الإصلاح والاستقرار” و”الثورة والتغيير الجذري”. Le12.ma قرأت خطاب كرمان بوصفه ترجمة لهذه النزعة.
في المقابل، يصرّ داعمو الحراك الشبابي على أن صوته رقمي ولا مركزي ويستمد قوته من مطالب اجتماعية ملموسة لا من أجندات أيديولوجية، وهو ما تلتقطه تقارير دولية تربط بين موجات “جيل زد” في دول متعددة مع اختلاف السياقات. تحليل دولي يدوّر هذه الفكرة ضمن سياق عالمي أوسع.
اقتباسات مفتاحية
قالت توكل كرمان في منشور على إكس بتاريخ 2 أكتوبر: “مجدداً الربيع يعاود جولته من المغرب العربي، المجد للمغرب الهادر والثائر”، وقد تم تداول المنشور على نطاق واسع في ذروة التوترات. الرابط.
وجاء في افتتاحية Le12.ma: “لقد ادّعت أن المظاهرات تقترب من القصر، وأن ربيعاً جديداً يلوح من المغرب الهادر الثائر”، وهي صياغة تُحمّل الخطاب مسؤولية سياسية وأمنية عن أي تصعيد.
وفي مقطع مصور، قال علي البخيتي مخاطباً المغاربة: “أنتم زهرة الأوطان العربية”، داعياً إلى التمسك بالنظام الملكي ورفض دعوات الفوضى. المقطع.
تداعيات محتملة
قد يدفع هذا السجال المؤسسات الحقوقية والإعلامية المغربية إلى مزيد من التدقيق في خطاب الشخصيات الدولية المؤثرة عند التعليق على الاحتجاجات الداخلية، خصوصاً حين تتناسل الاتهامات باستخدام القوة المفرطة وتتزايد الحساسية من أي تدخل يُقرأ كتسييس خارجي. بيان العفو يعكس توتراً ميدانياً يضاعف أثر الكلمة.
أما على مستوى “جيل زد 212″، فمن شأن الجدل أن يضع الحراك أمام تحدي ضبط الرسائل والتمسك بسلمية المطالب الاجتماعية لتفادي اختطاف سرديته، في وقت تواصل فيه وسائل إعلام دولية متابعة الملف باعتباره نموذجاً لاحتجاج رقمي شبابي عربي.










