في سابقة هي الأولى من نوعها منذ عقود، أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع مرسوما تشريعيا مثيرا للجدل، ألغى بموجبه عطلتين وطنيتين لطالما ارتبطتا بالوجدان السوري: عطلة حرب تشرين (6 أكتوبر) التي تخلد ذكرى الانتصار على إسرائيل عام 1973، وعيد الشهداء (6 مايو) الذي يكرم شهداء الحركة الوطنية ضد الاحتلال العثماني عام 1916.
المرسوم الذي حمل رقم 188 لعام 2025 يأتي ضمن رؤية جديدة لإعادة تشكيل الذاكرة الوطنية السورية، وإعادة صياغة المناسبات الرسمية بما يتوافق مع مرحلة ما بعد الحرب، وفق ما صرحت به مصادر حكومية قريبة من الرئاسة.
لماذا ألغى الشرع عطلتي تشرين وعيد الشهداء؟
برغم الطابع الإداري الظاهري للمرسوم، إلا أن الخطوة تحمل بعدا سياسيا واضحا. إذ تشير مصادر مطلعة إلى أن الرئيس الشرع يسعى إلى “فك الارتباط الرمزي مع أيديولوجيات وأنظمة سابقة”، خاصة تلك التي ارتبطت بالنظام البعثي، وإطلاق مرحلة وطنية جديدة تعيد تعريف مفاهيم النضال والانتصار والسيادة.
وفي هذا السياق، نقلت مصادر حكومية أن القرار يهدف إلى “تحييد المناسبات المؤدلجة” التي “استخدمت لسنوات في تسويق خطاب سلطوي”، معتبرة أن الذاكرة الوطنية يجب أن تبنى على وقائع ومعايير جديدة تمثل كل السوريين، لا نظاما بعينه.
ما الذي تغير في خريطة العطل الرسمية؟
حدد المرسوم الجديد قائمة الإجازات الرسمية في البلاد، والتي أصبحت تشمل مناسبات دينية واجتماعية ووطنية مختارة بعناية، مع استبعاد أي عيد يحمل دلالات أيديولوجية أو طابعا عسكريا تقليديا.
تشمل الأعياد الدينية:
عيد الفطر (3 أيام)
عيد الأضحى (4 أيام)
رأس السنة الهجرية
المولد النبوي
عيد الميلاد (25 ديسمبر)
عيدا الفصح الشرقي والغربي
أما الأعياد الوطنية والاجتماعية فتشمل:
رأس السنة الميلادية (1 يناير)
عيد الأم (21 مارس)
عيد الثورة السورية (18 مارس)
عيد الجلاء (17 أبريل)
عيد العمال (1 مايو)
عيد التحرير الجديد (8 ديسمبر)
وتعد إضافة “عيد التحرير” في 8 ديسمبر مفاجأة بحد ذاتها، إذ لم تفصح الحكومة عن دلالة هذا اليوم بعد، ما أثار تكهنات حول كونه إشارة إلى إنجاز عسكري أو دبلوماسي حديث لم يعلن عنه رسميا بعد.
تداعيات وإشارات سياسية
يرى مراقبون أن إلغاء عطلة 6 أكتوبر – التي طالما اعتبرت رمزا لـ”الانتصار على العدو الإسرائيلي” – قد يفسر إقليميا كتغيير في زاوية الخطاب الرسمي تجاه الصراع العربي-الإسرائيلي، خاصة في ظل انفتاح دبلوماسي محدود شهدته البلاد خلال العامين الماضيين.
أما حذف عيد الشهداء، فقد اعتبر خطوة أكثر إثارة للجدل، نظرا إلى عمق رمزيته في التاريخ الوطني السوري منذ الحقبة العثمانية. وقد أعرب عدد من الناشطين والكتاب على وسائل التواصل الاجتماعي عن استغرابهم من “طمس ذاكرة النضال القديم”.
ردود فعل شعبية متباينة
القرار أثار موجة نقاش حاد على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره بعض المستخدمين “خطوة جريئة لتحرير الدولة من رموز النظام السابق”، فيما وصفه آخرون بأنه محاولة لطمس تاريخ المقاومة السورية، واستبداله برؤية “نخبوية لا تعبر عن الشعب”.
المرسوم الجديد ألغى بشكل صريح المرسوم رقم 474 لعام 2004 الذي كان ينظم العطل الرسمية في سوريا، وكل تعديلاته. كما منح الجهات المعنية صلاحيات تحديد تواريخ المناسبات الدينية المتغيرة، وإمكانية استثناء بعض القطاعات الحيوية من العطل.










