هددت الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين، الحركة الصومالية المسلحة المعارضة في شرق إثيوبيا، بالعودة إلى العمل المسلح ردا على ما وصفته بـ”النهب الممنهج” لموارد إقليم أوجادين، متهمة حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد بانتهاك حقوق السكان المحليين وإطلاق مشروع غاز أوجادين دون موافقتهم.
وفي بيان صارم أصدرته الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين، حصل موقع المنشر الاخباري هلى نسخة منه، وصفت فيه مشروع الغاز الذي أطلقته أديس أبابا مؤخرا بأنه “خط أحمر”، مؤكدة أن الأمة الصومالية “لن تقبل أبدا بالتنمية المبنية على معاناتها وصمتها”، وأن أي نشاط نفطي يتم دون موافقة واضحة من السكان المحليين سيواجه برد مباشر.
تحذير من العودة للكفاح المسلح
وأشارت الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين، التي خاضت تمردا طويلا ضد الحكومة الإثيوبية حتى توقيع اتفاق سلام هش قبل سنوات، إلى أنها تدرس خيارات الرد، بما فيها استئناف العمل المسلح، إذا لم توقف الحكومة الإثيوبية والشركات الأجنبية التنقيب فورا.

وأكدت في البيان:”هذا ليس وقت الكلمات. إن التنقيب عن النفط في أراضينا دون موافقتنا هو عمل عدائي صريح، وسنتعامل معه بكل الوسائل المشروعة دفاعا عن أرضنا وشعبنا.”
مخاوف صحية وبيئية
سلطت الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين الضوء على ما اعتبرته تهديدات صحية وبيئية جسيمة تواجه المجتمعات المحلية بسبب ما وصفته بـ”التنقيب غير القانوني عن النفط”، متهمة شركات صينية عاملة في المنطقة —مثل شركة بولي-جي سي إل— بتجاهل قواعد السلامة والبيئة، والتسبب في تلوث مستمر دون رقابة أو محاسبة.

واستشهدت الجبهة بتقارير صحفية، منها تحقيق نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، إلى جانب شهادات ميدانية من السكان المحليين، تشير إلى تفاقم المشكلات الصحية وتدمير مصادر المياه والرعي والزراعة في المناطق المحيطة بعمليات التنقيب.
خلفية سياسية وتاريخية
تأسست الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين عام 1984، وهي حركة قومية تطالب بحق تقرير المصير للصوماليين في منطقة أوجادين (الإقليم الصومالي الإثيوبي حاليا). وخاضت تمردا مسلحا طويل الأمد ضد الحكومة الإثيوبية، انتهى بتفاهمات غير معلنة قبل سنوات.

وترى الجبهة أن المنطقة تعاني من “استعمار داخلي إثيوبي”، منذ أن منحت القوى الاستعمارية البريطانية الإقليم للحكم الإثيوبي عقب الحرب العالمية الثانية، ما أدى إلى عقود من الصراع.
وفي بيانها، ذكرت الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين بأن الحكومة الإثيوبية “استمرت في نهب الموارد الطبيعية والثروة الحيوانية”، تحت غطاء التنمية، دون إشراك أو استشارة المجتمعات المحلية.
تحذير مباشر للشركات الأجنبية
وجهت الجبهة تحذيرا واضحا إلى الشركات الأجنبية العاملة في قطاع الطاقة، وخاصة شركة بولي-جي سي إل الصينية، التي تقود عمليات التنقيب حاليا، مطالبة إياها بالانسحاب الفوري.
وقال البيان:”إذا حاولت أي شركة استخراج النفط أو الغاز من أراضينا دون موافقة صريحة وشرعية من الشعب الصومالي، فإنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن العواقب، وسنعتبرها شريكا في العدوان.”
ردود متوقعة وتداعيات محتملة
يرى مراقبون أن هذا التصعيد من قبل الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين قد يعيد إشعال التوترات في إقليم يشهد أصلا هشاشة أمنية وسياسية، وسط محاولات إثيوبية لجذب الاستثمارات الأجنبية لتعويض الانكماش الاقتصادي الحاد.

ويحذر محللون من أن أي تجاهل لتحذيرات الجبهة أو استمرار عمليات التنقيب دون توافق محلي قد يؤدي إلى اندلاع مواجهات مسلحة تعرقل مشاريع الطاقة وتفاقم الأزمات الإنسانية في المنطقة.
مشروع غاز أوجادين بات محور مواجهة جديدة بين الحكومة الإثيوبية والجبهة الوطنية لتحرير أوجادين، التي تعتبر أن الموارد الطبيعية في الإقليم لا يمكن استغلالها دون إرادة الشعب الصومالي، وتهدد بإعادة تفعيل خيار السلاح في حال تجاهل تحذيراتها.
التحذير من “الخط الأحمر” يعيد إلى الواجهة صراعا قديما ويضع مستقبل استقرار الإقليم على المحك، بينما تبقى أعين المستثمرين والمراقبين الدوليين على كيفية رد الحكومة الإثيوبية.










