أصدرت السلطات المصرية في الأسابيع الأخيرة تحذيرات عاجلة بشأن تآكل الشواطئ في عدد من المناطق الساحلية، خاصة مع اضطراب الأحوال الجوية وتصاعد ظاهرة النحر البحري التي تهدد مناطق الإسكندرية ومرسى مطروح والساحل الشمالي
وتأتي تحذيرات الجهات الرسمية استنادًا إلى تقارير هيئة الأرصاد الجوية ووزارة الري والبيئة والتي تشير إلى ارتفاع غير مسبوق في منسوب أمواج البحر المتوسط، أدى لإغلاق جميع الشواطئ مؤقتًا، ورفع الرايات الحمراء التي تعني حظر النزول للمياه حفاظًا على الأرواح
تفاصيل التحذيرات والإجراءات الرسمية
خلال موسم الصيف الحالي، لاحظ المواطنون والمسؤولون ارتفاعًا خطيرًا في حركة الأمواج وظهور علامات واضحة لتآكل الشواطئ، خاصة في القطاعات الشرقية والغربية للإسكندرية، حيث اضطرت السلطات لإغلاق الشواطئ نهائيًا للمرة الأولى منذ أزمة كورونا
. وارتفعت الأمواج إلى 3.5 متر نتيجة نشاط الرياح بسرعة تتراوح بين 35 و50 كم/ساعة، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لسلامة المصطافين
. وقد شهدت المنطقة حوادث غرق مأساوية، من بينها وفاة 7 طلاب في شاطئ أبو تلات بغرب الإسكندرية، ما دفع المحافظ والسلطات لاتخاذ قرار الإغلاق الفوري
.الأزمة ليست مجرد حادث موسمي، بل ترتبط بنية البحر المتوسطة المتغيرة بفعل التغيرات المناخية التي أدت لزيادة نوبات الطقس الجامحة وارتفاع منسوب المياه وظاهرة النحر البحري
. وزارة الموارد المائية والري بالتعاون مع الهيئات البيئية أطلقت عدة مشاريع لتخفيف الأزمات منها بناء حواجز أمواج، ترميم الخط الساحلي، تدعيم مناطق النحر، وزراعة مصدات طبيعية من الرمال
وتمتد جهود الحماية على طول نحو 69 كم في المحافظات الساحلية لمواجهة أخطار الغمر الساحلي وعرقلة فقدان الأراضي الساحلية الزراعية والسكنية
.الأثر المجتمعي والاقتصاديأدت تلك الإجراءات الاحترازية إلى خسائر اقتصادية في القطاع السياحي، مع منع الملايين من دخول الشواطئ
وشهدت الإسكندرية وحدها غلق 59 شاطئاً طوال أغسطس وسبتمبر، فيما اقتصر التنزه على الكورنيش دون البحر، وسط تشديدات أمنية واستعدادات فرق الإنقاذ
وتفاوتت الاستجابة بين المناطق الشعبية والسياحية، حيث استمرت بعض القرى السياحية في الساحل الشمالي باستقبال زوارها تحت تدابير خاصة وحماية مشددة
.وسارعت الجهات المسؤولة إلى توعية المواطنين بأهمية الالتزام بالرايات التحذيرية وتعليمات الإنقاذ، مع نشر تعليمات حول التعامل مع الحالات الجوية الطارئة
. وتواصل وزارة البيئة جمع بيانات الأثر المناخي عبر محطات رصد وتحديث الخطط الوطنية للتكيف مع التغيرات المناخية، فيما توجّه أصابع الاتهام نحو البناء المخالف والإنشاءات البحرية كعوامل مساعدة في تسريع ظاهرة تآكل الأراضى الساحلية
مشروعات الحماية والتطوير
تقدمت مصر في السنوات الأخيرة بمشروعات لحماية الشواطئ عبر بناء الحواجز الجديدة، استخدام تقنيات ضخ الرمال، وتنفيذ نماذج دولية في تعزيز التكيف مع التغير المناخي
ومن خلال شراكات تمويل دولية وصلت قيمة الإنفاق على أعمال الحماية والصيانة إلى أكثر من عشرة مليارات جنيه
. وتخطط مصر حاليًا لتطبيق مشروع هولندي لضخ الرمال من قاع البحر وإعادة توزيعها، ما يساهم في إعادة تشكيل الشواطئ المتآكلة
.الخلاصة
يمثل تآكل الشواطئ المصرية اليوم تحديًا بيئيًا واقتصاديًا واجتماعيًا غير مسبوق، دفع السلطات لاتخاذ إجراءات شديدة لحماية الأرواح والممتلكات، مع اعتماد خطط طويلة الأمد لضمان بقاء السواحل آمنة وتعزيز قدرتها على التكيف مع التحديات المناخية المستقبلية
الأزمة مستمرة وتجذب انتباه الرأي العام والخبراء بقوة، وسط دعوات للتكاتف والابتكار لضمان استدامة الثروات الطبيعية والسياحية المصرية للأجيال القادمة.











