اندلعت مساء اليوم السبت اشتباكات عنيفة على طول الحدود الباكستانية – الأفغانية، إثر ما وصفته إسلام آباد بـ”هجمات غير مبررة” شنتها قوات حركة طالبان الأفغانية على عدة مواقع حدودية باكستانية، مما دفع الجيش الباكستاني للرد بقوة باستخدام مختلف أنواع الأسلحة.
وقالت قوات الأمن الباكستانية إن الجيش استهدف بفعالية عددًا من المراكز الحدودية الأفغانية، ملحقًا بها أضرارًا جسيمة، فيما تم تسجيل إسقاط ثلاث طائرات رباعية المراوح يُشتبه بأنها كانت محملة بالمتفجرات.
تصعيد متبادل واتهامات متبادلة
تأتي هذه الاشتباكات بعد اتهامات وجهتها حكومة طالبان لإسلام آباد بشن ضربات جوية في وقت سابق على العاصمة كابول ومناطق حدودية، وهو ما نفته إسلام آباد رسميًا، لكنها أكدت حقها في اتخاذ “إجراءات دفاعية” ضد من وصفتهم بـ”الإرهابيين” الذين ينشطون من داخل الأراضي الأفغانية.
وفي بيان رسمي، قالت قوات الحدود التابعة لطالبان إن الاشتباكات جاءت “ردًا على الضربات الجوية التي نفذتها باكستان داخل الأراضي الأفغانية”، مؤكدين أن المواجهات تتركز في ولايات كونار، ننغرهار، بكتيكا، خوست، وهلمند، الواقعة على طول الحدود مع باكستان.
من جهتها، أعلنت هيئة الإذاعة والتلفزيون الباكستانية في منشورات على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، أن القوات الأفغانية فتحت النار على مواقع باكستانية في مناطق أنغور أدا، باجور، كورام، دير، تشيترال، وبارامشا، مشيرة إلى أن الجيش الباكستاني رد بشكل قوي ومكثف، واستهدف “معسكرات ومخابئ لتنظيمات إرهابية” قرب الحدود.
صبر باكستان ينفد: تحذيرات رسمية من التصعيد
وفي ضوء الهجمات المتكررة، قالت الحكومة الباكستانية إنها لم تعد تحتمل استمرار استخدام الأراضي الأفغانية كقاعدة لانطلاق هجمات داخل باكستان. ونقل عن وزير الدفاع خواجة آصف قوله أمام البرلمان:
“كفى. لقد نفد صبر الحكومة والقوات المسلحة الباكستانية بعد سلسلة من العمليات الإرهابية”.
وأضاف المتحدث العسكري الباكستاني، الفريق أحمد شريف شودري، في مؤتمر صحفي:
“لدينا أدلة تؤكد استخدام الأراضي الأفغانية لتخطيط وتنفيذ هجمات داخل باكستان، وسنتخذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية أرواح وممتلكات مواطنينا”.
كابول تنفي وتتهم
في المقابل، نفت حكومة طالبان الاتهامات الباكستانية، متهمة إسلام آباد بانتهاك السيادة الأفغانية وقصف مناطق مدنية، أبرزها سوق قرب خط دوراند في ولاية بكتيكا. كما دان وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي، في مؤتمر صحفي عقده في نيودلهي، الهجمات الأخيرة على كابول، محملًا باكستان مسؤوليتها عن “انفجار ليلة الخميس” في العاصمة.
توتر طويل الأمد ومخاوف من التصعيد
تأتي هذه التطورات في سياق علاقات متوترة منذ سنوات بين البلدين الجارين، إذ تتهم باكستان طالبان بعدم ضبط حدودها والتغاضي عن نشاط حركة طالبان باكستان (TTP)، بينما تتهم كابول إسلام آباد بالتدخل المستمر في شؤونها.
ورغم عدم إعلان أي حصيلة رسمية للضحايا حتى الآن، فإن استمرار الاشتباكات واستخدام الأسلحة الثقيلة والمدفعية والطائرات المسيّرة يثير القلق من انزلاق الوضع إلى مواجهة مفتوحة على نطاق أوسع.
حتى الآن، لم تُسجل إصابات مؤكدة، لكن التصريحات المتبادلة، والعمليات العسكرية على الأرض، تشير إلى مرحلة جديدة من التصعيد بين إسلام آباد وكابول، ما لم يتم احتواء الموقف عبر قنوات دبلوماسية عاجلة.
في ظل هذه التطورات، يتابع المجتمع الدولي عن كثب تطورات الوضع في واحدة من أكثر المناطق توترًا في جنوب آسيا، مع تصاعد المخاوف من أن الصراع الحدودي قد يهدد الاستقرار الإقليمي برمّته.










