شهدت بلدة كاستل داتزانو التابعة لمقاطعة فيرونا، شمالي إيطاليا، فجر اليوم، انفجارا مدمرا داخل مزرعة خاصة، أسفر عن مقتل ثلاثة من ضباط الكارابينييري، وإصابة ما لا يقل عن 13 شخصا آخرين، بينهم عناصر من الشرطة والجيش ورجال الإطفاء، وذلك خلال عملية تفتيش وإخلاء قسرية كانت تجريها القوات الأمنية.
وقالت السلطات الإيطالية إن ثلاثة أشقاء تم القبض عليهم فور الحادث بتهمة التسبب في الانفجار، والقتل العمد لعناصر أمن أثناء أداء الواجب، فيما تشير التحقيقات الأولية إلى وجود عبوات ناسفة محلية الصنع وأسطوانات غاز كانت مخزنة داخل المنزل المستهدف.
تفاصيل الحادث
وقع الانفجار قرابة الساعة الثانية صباحا، بينما كانت قوات الأمن تجري عملية تطهير وتفتيش للمبنى، بعد صدور أمر قضائي بالإخلاء القسري، وسط توقعات مسبقة بمقاومة من قاطني العقار.
أدى الانفجار إلى انهيار الطابق الثاني بالكامل من المبنى، بينما بقي الطابق الأول قائما لكنه تعرض لأضرار بالغة. وبحسب شهود عيان، فإن الانفجار كان قويا بما يكفي لهز المباني المجاورة، واحتجاز عدد من عناصر الأمن تحت الأنقاض.
الضحايا والمصابون
نعت السلطات الإيطالية الضباط الثلاثة الذين فقدوا حياتهم أثناء أداء مهامهم، وهم الملازم ماركو بيفارا، والعميد فاليريو دابرا، والضابط المختار دافيد برنارديلو
فيما نقل المصابون إلى عدد من مستشفيات فيرونا، بينهم:
8 حالات إلى مستشفى بورجو روما (جميعهم بحالة خضراء – إصابات طفيفة)
حالات خطيرة إلى مستشفى بورجو ترينتو ومستشفى فيلافرانكا
حالتان إلى مستشفى نيغرار، بينهما مصاب بحالة حرجة (رمز أحمر)
وقالت السلطات إن نظام الطوارئ عمل بكفاءة عالية، حيث تم استدعاء الفرق الطبية والإنقاذ إلى الموقع فورا، بما في ذلك تفعيل مركز طبي ميداني تابع لهيئة الطوارئ SUEM 118.
ردود الفعل الرسمية
أثار الحادث موجة من الحزن والتضامن الرسمي على مستوى الدولة، حيث عبر كبار المسؤولين الإيطاليين عن تعازيهم وأكدوا دعمهم الكامل لعائلات الضحايا.
أرسل الرئيس سيرجيو ماتاريلا رسالة تعزية إلى القائد العام للكارابينييري، سلفاتوري لونغو، قال فيها: “تلقيت ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة ثلاثة من ضباط الكارابينييري أثناء أداء واجبهم. أعبر عن تضامني الكامل مع الكارابينييري وأتقدم بأحر التعازي لعائلاتهم، مع تمنياتي بالشفاء العاجل للمصابين.”
وقالت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني في مكالمة هاتفية مع القائد لونغو: “أتابع تطورات هذا الحدث المأساوي بتعاطف وحزن عميق. هؤلاء الأبطال يمثلون شجاعة رجال الدولة الذين يضحون بأنفسهم من أجل أمن الوطن.”
وزير الدفاع غويدو كروسيتو صرح قائلا: “أعزي ذكرى الملازم بيفاري، والضابط برنارديلو، والعميد دابرا، الذين ضحوا بحياتهم من أجل الوطن. وزارتنا تقف بالكامل مع عائلاتهم، وسنقدم كل الدعم الممكن.”
وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوسي أوضح أن الإخلاء كان ضروريا قانونيا، وأضاف: “كانت هناك محاولات سابقة لإخلاء العقار، وكنا ندرك خطورة الموقف. ما حدث هو مأساة، ويجب أن نحقق العدالة.”
وفق التحقيقات الأولية، تم العثور على أسطوانات غاز وعبوات ناسفة بدائية، إضافة إلى زجاجات مولوتوف داخل المزرعة، ما يرجح وجود نية مسبقة لمقاومة قوات الأمن بالقوة. وتشير المعلومات إلى أن المنزل كان هدفا لعدة أوامر إخلاء سابقا، إلا أن التنفيذ كان مؤجلا بسبب المخاوف الأمنية.
كما تعمل 28 وحدة من رجال الإطفاء حتى الآن على تأمين الموقع وضمان عدم حدوث انفجارات إضافية، فيما بدأت فرق التحقيق الجنائي بتحليل بقايا المتفجرات لتحديد طبيعتها ومصدرها.
مأساة وطنية
ينظر إلى هذا الحادث على أنه من أسوأ الحوادث التي تتعرض لها قوات الكارابينييري في السنوات الأخيرة، وقد أثار صدمة كبيرة في الأوساط الأمنية والسياسية، وسط دعوات إلى مراجعة قواعد تنفيذ أوامر الإخلاء في الحالات ذات الطابع العنيف أو المشبوه.
وتستمر التحقيقات مع الأشقاء الثلاثة الموقوفين بتهم خطيرة، قد تصل عقوبتها إلى السجن مدى الحياة، إذا ما ثبتت إدانتهم بالتخطيط المتعمد للتسبب في الانفجار وعرقلة عمل قوات الأمن.










