رفض أحد كبار المسؤولين الاقتصاديين في حكومة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي حذر مؤخرا من “انهيار وشيك” للاقتصاد الروسي بسبب استمرار الحرب في أوكرانيا، ووصفها بأنها “غير دقيقة ولا تعكس الواقع الفعلي في السوق الروسية”.
وكان ترامب قد صرح، يوم أمس، بأن على بوتين “تسوية حرب أوكرانيا”، مشيرا إلى أن روسيا أصبحت “في وضع سيئ للغاية”، على حد تعبيره، مضيفا أن هناك “طوابير طويلة للحصول على البنزين”، وأن الاقتصاد الروسي “على وشك الانهيار”.
لكن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، الذي يشرف على قطاعي الطاقة والاقتصاد، قلل من شأن هذه التصريحات، مؤكدا أن “روسيا تمتلك إمدادات مستقرة من البنزين”، نافيا وجود أزمة وقود داخلية.
وقال نوفاك، خلال مؤتمر للطاقة في موسكو:”لدينا إمدادات مستقرة في السوق المحلية، ولا نرى أي مشاكل في هذا الصدد. يتم الحفاظ على التوازن بين الإنتاج والاستهلاك، ونحن، من جانب الحكومة والوزارات المعنية، نبذل قصارى جهدنا لضمان استمرار هذا الوضع”.
تباطؤ اقتصادي لا انهيار
تشير المؤشرات الاقتصادية الرسمية الروسية إلى تباطؤ في النمو، إذ تتوقع الحكومة نموا بنسبة 1.0% في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025، بعد تسجيل نسب نمو بلغت 4.3% في 2024 و4.1% في 2023.
وفي المقابل، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الروسي في 2025 إلى 0.6% من 0.9%، وهو ما يعكس استمرار تأثير العقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي.
ورغم ذلك، تقول موسكو إن هذا التباطؤ مقصود و”ضروري لمنع الاقتصاد من السخونة المفرطة”، كما وصفه الكرملين، مشددة على أن الاقتصاد الروسي تمكن من التكيف مع “أقسى حزمة عقوبات فرضت على اقتصاد كبير في التاريخ”.
أزمة وقود… ومعالجتها
شهدت بعض المناطق الروسية نقصا في البنزين خلال الأشهر الماضية، بسبب عاملين رئيسيين:
تردد التجار في الشراء بسبب أسعار الفائدة المرتفعة خلال فصل الشتاء حين كان هناك فائض.
هجمات أوكرانية بطائرات بدون طيار عطلت عمل بعض مصافي التكرير الروسية.
لكن الحكومة الروسية أكدت أن الوضع تحت السيطرة، حيث تم توجيه الإمدادات نحو المناطق المتضررة وفرضت قيودا مؤقتة على تصدير المنتجات النفطية لضمان وفرة السوق المحلية.
الاقتصاد كساحة مواجهة بين روسيا والغرب
منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا قبل ثلاث سنوات ونصف، أصبح الاقتصاد ميدانا رئيسيا للمواجهة بين موسكو والغرب.
يرى داعمو أوكرانيا أن الاقتصاد الروسي “أضعف مما يبدو”، ويأملون أن تؤدي الضغوط الاقتصادية المتزايدة إلى خلق حالة من السخط الشعبي تجبر بوتين على التراجع.
في المقابل، يصر الكرملين على أن روسيا “صمدت في وجه العقوبات” وأنها “لن تغير مسارها تحت أي ضغط خارجي”، في إشارة إلى السياسة الروسية المستمرة في أوكرانيا.
رغم التحديات والعقوبات، تواصل روسيا الدفاع عن صلابة اقتصادها واستقرار سوق الطاقة لديها، معتبرة تصريحات ترامب “جزءا من الحرب النفسية والضغط السياسي”.
ومع استمرار المواجهة في أوكرانيا، يبدو أن الاقتصاد سيبقى ساحة تجاذب شديدة بين موسكو والغرب، خصوصا مع اقتراب انتخابات كبرى في الولايات المتحدة وروسيا.










