بعد أسابيع من التوتر الشعبي والاحتجاجات التي اجتاحت شوارع مدغشقر، برز اسم العقيد مايكل راندريانيرينا كلاعب أساسي في المشهد السياسي والعسكري للبلاد، وأصبح خلال أيام “الرجل القوي” الجديد، بعد أن قاد تحركًا عسكريًا أنهى فعليًا حقبة الرئيس أندريه راجولينا.
البداية: مقطع فيديو غيّر مجرى الأحداث
في 11 أكتوبر 2025، ظهر العقيد راندريانيرينا في مقطع فيديو انتشر سريعًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دعا فيه قوات الأمن إلى رفض تنفيذ أوامر إطلاق النار على المتظاهرين.
وقد مثّلت هذه الدعوة نقطة تحوّل في الأزمة السياسية، حيث بدأت وحدات من الجيش والدرك والشرطة ترفض أوامر القيادة السياسية، مما سهل تقدم المحتجين وسيطرتهم على مواقع استراتيجية في العاصمة.
من هو العقيد مايكل راندريانيرينا؟
العمر: 51 عامًا
الوظائف السابقة:
حاكم منطقة أندروي (2016-2018)
قائد كتيبة مشاة توليار في أتسيمو أندريفانا
انتماؤه العسكري: يقود وحدة “كابسات” (فيلق الأفراد والخدمات الإدارية والفنية) — وحدة غير قتالية ولكن ذات نفوذ استراتيجي كبير، تتمركز في موقع حساس على مشارف أنتاناناريفو.
راندريانيرينا ليس وافدًا جديدًا على ساحة الصراعات السياسية في البلاد، بل سبق وأن سُجن بين نوفمبر 2023 وفبراير 2024 بتهمة التحريض على العصيان والانقلاب.
ورغم الحكم عليه بالسجن عامًا مع وقف التنفيذ، لم يتراجع عن انتقاده العلني لرئاسة راجولينا، بل بدا أن تحركاته الأخيرة كانت جزءًا من خطة طويلة المدى.
صعوده إلى الحكم: لجنة عسكرية وتعليق المؤسسات
عقب احتلال القصر الرئاسي، أعلن العقيد نفسه “رئيسًا مؤقتًا” للبلاد، وشكّل لجنة عسكرية تضم ضباطًا من الجيش والدرك والشرطة، وأعلن تعليق معظم المؤسسات الدستورية، باستثناء البرلمان الذي سارع إلى التصويت بعزل راجولينا.
كما أعلن نية اللجنة العسكرية: تعيين رئيس وزراء مدني خلال الفترة الانتقالية، وإجراء انتخابات في غضون 18 إلى 24 شهرًا، وفتح المجال لاحقًا لمشاركة مدنيين في اللجنة الحاكمة.
الرهان الأكبر: الشرعية الدولية
يسعى راندريانيرينا حاليًا إلى إضفاء طابع قانوني وشرعي على ما وصفه الرئيس المعزول بـ”الانقلاب”، من خلال التفاوض مع قضاة المحكمة الدستورية. التحدي الأهم أمامه هو إقناع المجتمع الدولي والجهات المانحة بعدم وقف الدعم المالي والمشاريع الإنمائية، والتي تعد حيوية لبلد يعاني من فقر واسع النطاق وبُنية تحتية هشة.
مدغشقر: سجل طويل من الانقلابات العسكرية
تاريخ مدغشقر السياسي حافل بتدخلات الجيش في الأزمات، بدءًا من عام 1972، حين أطاح الجيش بأول رئيس للجمهورية بعد احتجاجات طلابية، مرورًا بعهد ديدييه راتسيراكا، ووصولًا إلى انقلاب راجولينا عام 2009. كل أزمة سياسية كبرى تقريبًا، سواء بسبب الفقر أو الصراع على السلطة، انتهت إما بتدخل مباشر من الجيش أو بقيادة عسكرية مؤقتة.
العقيد راندريانيرينا ينضم الآن إلى هذا التقليد السياسي المتجذر، لكن هل سيتمكن من كسر الحلقة؟ وهل سينجح في الحفاظ على وعوده بمرحلة انتقالية مدنية وانتخابات حرة؟ الإجابة في الأشهر القادمة.










