ذكرى مقتل يحيى السنوار: كيف تغيّرت حماس خلال عام؟
في الذكرى الأولى لعبارة «ذكرى مقتل يحيى السنوار»، برز انتقال حماس من الزعامة الفردية في غزة إلى قيادة جماعية مؤقتة تمركزت في الدوحة، مع توزيع أدوار أوضح بين السياسي والعسكري وصعود نفوذ قادة الخارج.
وقائع القتل والسرديات المتقابلة
أكدت حماس مقتل يحيى السنوار في اشتباك مسلح خلال أكتوبر/تشرين الأول 2024، وثبّتت التحقيقات الجنائية الإسرائيلية هويته عبر الأسنان والبصمات والحمض النووي، لتغلق الجدل حول مصيره.
في الذكرى الأولى، نُشرت صور جديدة تزعم إظهار جثمانه، ما عكس استمرار توظيف الحدث رمزياً وإعلامياً بين الطرفين بعد عام على مقتله.
وتشير السجلات الإخبارية إلى تناقض أولي في روايات الجيش الإسرائيلي قبل أن تستقر السردية على مقتله خلال مواجهة مباشرة تلتها فحوص جنائية موسع.
من زعامة فردية إلى قيادة جماعية
أدّت سلسلة الاغتيالات، من بينها اغتيال إسماعيل هنية، إلى تسريع تفعيل «اللجنة المؤقتة» في الدوحة لتسيير القرار داخل الحركة في ظل صعوبة التواصل مع القيادة الميدانية.
تتكون اللجنة من خمسة أعضاء يمثلون الشتات وقطاع غزة والضفة ومجلس الشورى، بينهم خالد مشعل وخليل الحية وزاهر جبارين ورئيس مجلس الشورى محمد إسماعيل درويش وعضو سري بصفته أمين سر المكتب السياسي.
رجّحت نقاشات ما بعد السنوار استمرار نموذج القيادة الجماعية إلى حين الانتخابات الداخلية، مع اتجاه لتوزيع الأدوار بين السياسي والعسكري بدلاً من تركيزها في شخص واحد.
تحولات الذراع العسكري
أكدت الحركة لاحقاً مقتل القائد العسكري محمد السنوار في مايو 2025، ما اعتُبر ضربة إضافية لهرم القيادة الميدانية داخل غزة.
برز اسم عزالدين الحداد بوصفه قائداً ميدانياً مؤثراً، مع مواقف متشددة تجاه خطط الهدنة التي تشترط نزع السلاح واستبعاد الحركة من الحكم.
يوضح ذلك قابلية الحركة لإحلال القيادات بسرعة للحفاظ على التماسك العملياتي رغم الاستنزاف المتواصل.
الهدنة والرهائن: براغماتية بلا اعتدال
أكد خليل الحية أن المحتجزين الإسرائيليين لن يعودوا إلا بوقف الهجمات وانسحاب القوات، ما يلخّص معادلة التفاوض وفق منظور الحركة.
تصف قراءات سياسية قبول الحركة بالتهدئة وصفقات التبادل بأنه «براغماتية لا اعتدال»، مع رفض واضح لشروط نزع السلاح وإنهاء دورها في الحكم.
تتضمن الخطة المدعومة أميركياً والمقبولة إسرائيلياً شروطاً صعبة على رأسها نزع سلاح حماس واستبعادها من حكم غزة، وهو ما تعارضه القيادة العسكرية.
سياق غزة والشتات
تموضعت القيادة السياسية أكثر خارج القطاع، فيما بقي القرار الميداني موزعاً داخل غزة مع بروز الدوحة كمركز قرار سياسي.
يعكس ذلك بنية مجلس الشورى التي تمنح قرارات القيادة شرعية تنظيمية عابرة للجغرافيا رغم صعوبات الاتصال.
وتشير قراءات صحافية إلى تفكك المشهد السياسي بغزة مع تآكل شرعية القوى التقليدية وعزلة الحركة دولياً بعد عامين من الحرب.
خلاصة الذكرى: ما الذي تغيّر؟
اعتمدت حماس نموذج قيادة جماعية مؤقتة، وعادت لتوزيع الأدوار بين السياسي والعسكري مع صعود نفوذ الخارج بانتظار مسارات انتخابية داخلية.
حافظت الذراع العسكرية على قدرتها الإحلالية رغم الاستنزاف، مع انتقال الثقل إلى قيادات ميدانية أقل ظهوراً وأكثر ارتباطاً بسياق القتال.
وفي ملف الهدنة والرهائن، أظهرت الحركة استعداداً تكتيكياً للتفاوض مقابل خطوط حمراء تتعلق بنزع السلاح والدور السياسي في غزة.










