
تصريحات زعيم النقابات تصف ميلوني بـ”تابعة لترامب” وتشعل حربًا لفظية في روما… فيما تتزايد التساؤلات حول موقع إيطاليا بين تحالفات ترامب وأردوغان بعد قمّة غزة
روما – 19 أكتوبر 2025
في وقتٍ كان العالم يترقب تداعيات قمة شرم الشيخ واتفاق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وجدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني نفسها وسط عاصفة داخلية غير مسبوقة، بعدما وُصفت بأنها “تابعة لترامب” من قبل زعيم النقابات الإيطالية ماوريتسيو لانديني، في تصريحات تلفزيونية أشعلت غضب الحكومة وأعادت النقاش حول دور إيطاليا بين واشنطن وأنقرة.
القصة انفجرت على الهواء مباشرة في برنامج “دي مارتيدي” حين قال لانديني إن “الإيطاليين نزلوا إلى الشوارع دفاعًا عن كرامة بلادهم، بينما ميلوني اكتفت بالظهور كالتابعة لترامب ولم تحرك ساكنًا”.
الكلمة التي استخدمها كانت صادمة، إذ تحمل في الإيطالية معنى مجازيًا “امرأة في بلاط الحاكم”، لكنها تُستخدم أيضًا بمعنى مهين بحق النساء، ما جعل الإعلام يتهمه باستخدام خطاب “ذكوري تمييزي” ضد امرأة تشغل أعلى منصب سياسي في البلاد.
ميلوني، التي كانت لا تزال في قصر كيجي تتابع نتائج قمة شرم الشيخ، ردّت بسرعة عبر منشور لاذع على شبكات التواصل الاجتماعي، نشرت فيه تعريف الكلمة من القاموس الإيطالي الذي يصفها أيضًا بأنها “امرأة بلا كرامة”. وقالت في منشورها:
“هذا ما يقوله من أعماه الحقد السياسي… عندما تفلس اليسار من الحجة، تلجأ لإهانة النساء”.
ورغم محاولة لانديني لاحقًا توضيح أنه قصد فقط “أنها ضمن دائرة ترامب السياسية”، مؤكدًا أن حديثه كان “تقييمًا سياسيًا لا أكثر” فإن الغضب السياسي لم يتراجع، وانهالت عليه الانتقادات من اليمين ومن بعض رموز اليسار المعتدل، في حزب الديمقراطيين (PD) الذين اعتبروا كلامه “انزلاقًا فاضحًا يسيء للحركة النقابية”.

نائب رئيس الوزراء أنطونيو تاجاني وصف حديثه بأنه “لغة مبتذلة تُظهر فشل بعض الرجال في إدراك مكانة المرأة السياسية”، بينما أكد وزير الدفاع غيدو كروزيّتو أن “حرية التعبير لا تعني حرية الإهانة”. أما وكيلة الحكومة واندا فيرو فوصفت عبارته بأنها “كلمات من حانة لا تليق بتاريخ النقابات العمالية الإيطالية”.
اللافت أن هذه الأزمة جاءت بعد يوم واحد من توقيع اتفاق السلام في غزة خلال قمة شرم الشيخ، حيث شاركت ميلوني إلى جانب الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان، في مشهد عكس تنافسًا حادًا على النفوذ السياسي والإعلامي داخل القمة، وهو ما أعاد إلى الواجهة الجدل حول موقع إيطاليا في خارطة التحالفات الجديدة في الشرق الأوسط ، حيث رآها مراقبون تحاول الموازنة بين النفوذ الأميركي المتجدد بعد عودة ترامب إلى المشهد الدولي، وبين نفوذ أردوغان الإقليمي الطامح لتوسيع دوره في ملف غزة.
ويرى محللون في روما أن “الاشتباك اللفظي بين ميلوني ولانديني ليس مجرد معركة داخلية”، بل يعكس أيضًا صراعًا أعمق حول توجهات السياسة الخارجية الإيطالية، بين من يريد ربطها بواشنطن الجديدة بقيادة ترامب، ومن يخشى انزلاقها بعيدًا عن أوروبا في ظل تحالفات الشرق الأوسط المتحركة









