
أفادت التقارير بأن نحو سبعة ملايين متظاهر خرجوا إلى الشوارع في أكثر من 2,700 مدينة وبلدة أمريكية يوم السبت (بتوقيت محلي)، في موجة جديدة من احتجاجات “لا ملوك” الوطنية، ضد ما وصفه منظموها بـ”الأجندة السلطوية” للرئيس دونالد ترامب.
وحسب شبكة CNN، فقد كانت نسبة المشاركة أعلى بحوالي مليوني متظاهر مقارنة بالموجة السابقة التي جرت في يونيو الماضي، في ذكرى عيد ميلاد ترامب الـ79. وأكدت الشرطة في المدن الكبرى أن التظاهرات كانت سلمية إلى حد كبير، ولم يتم تسجيل أي حوادث كبيرة أو اعتقالات.
ما يقوله متظاهرو “لا ملوك”
وُصفت هذه التظاهرات، التي حملت شعار “يوم لا ملوك”، بأنها تهدف إلى الدفاع عن القيم الديمقراطية ومقاومة ما وصفه المنظمون بـ”تجاوز السلطة التنفيذية”.
وقال هانتر دن، المتحدث باسم ائتلاف “لا ملوك”، كما نقلت عنه صحيفة نيويورك تايمز:
“نتحد اليوم للمطالبة من ممثلينا باتخاذ موقف ضد تجاوز ترامب لصلاحياته التنفيذية، والعمل على إزالة النظام وإعادة الديمقراطية قبل فوات الأوان”.
ويستمد هذا التحرك اسمه من الثورة الأمريكية المبكرة ضد الملك جورج الثالث، حيث استلهم المنظمون مبادئ تأسيس الأمة الأمريكية القائمة على المساواة والحرية.
كيف شهدت المدن الكبرى الاحتجاجات
نُظمت مسيرات رئيسية في نيويورك، وواشنطن العاصمة، وشيكاغو، ولوس أنجلوس، وأتلانتا، بالإضافة إلى مئات المدن الصغيرة. في نيويورك، امتلأت تايمز سكوير بالمتظاهرين الذين حملوا لافتات تقول:
“نحتج لأننا نحب أمريكا، ونريدها أن تعود”.
وفي شيكاغو، وهي محور حملات الإدارة لمكافحة الهجرة، رفع الآلاف لافتات مكتوب عليها “لا تلمسوا شيكاغو” وأعلام أمريكية مقلوبة. وأشار المتظاهرون إلى عمليات الاعتقال المتعلقة بالهجرة، وتقليص برامج Medicaid، ونشر القوات الفيدرالية ضمن أسباب احتجاجهم.
أما في لوس أنجلوس، فقد تحولت الشوارع إلى ما يشبه كرنفالاً، مع ارتداء المتظاهرين أزياء قابلة للنفخ وحمل الأعلام الأمريكية، حيث قال أحد المشاركين لشبكة CNN:
“من الصعب وصف الأمر بمنطقة حرب، حين يكون مجرد حفلة في الشارع والناس يرتدون أزياء الهالوين”.
وفي واشنطن العاصمة، انضم الموظفون الفيدراليون المفصولون مؤقتًا إلى الاحتجاجات في ظل استمرار إغلاق الحكومة الفيدرالية، الذي دخل يومه الثامن عشر.
قال السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز لجمهور محتشد في واشنطن:
“لا، أيها الرئيس ترامب، نحن لا نريدك أنت أو أي ملك آخر أن يحكمنا. في أمريكا نحن، الشعب، من يحكم”.
وعبر المتظاهرون عن قلقهم من انحراف الولايات المتحدة نحو الاستبداد، مشيرين إلى قرارات ترامب بفصل موظفين اتحاديين وتصاعد عمليات الاعتقال من قبل عملاء ICE الملثمين.
قال أحد المتظاهرين لشبكة NBC News:
“أنا مؤيد لأمريكا، مؤيد للدستور، مؤيد للقانون والنظام، مؤيد للهجرة القانونية، مؤيد لحقوق التعديل الأول، مؤيد للتعبير الحر. كل ذلك تحت الهجوم. لم أتوقع أبدًا في حياتي أن أكون هنا مع دكتاتور في المكتب البيضاوي، لذا أنا هنا لأقول لا لذلك”.
وفي أتلانتا، استلهم المتظاهرون إرث المدينة في الحقوق المدنية، واعتبروا التظاهرات دفاعًا سلميًا وملحًا عن الديمقراطية.
من يقف وراء الحركة؟
يشارك في ائتلاف “لا ملوك” أكثر من 200 منظمة وطنية، بما في ذلك اتحاد موظفي الخدمة الدولية (SEIU)، الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU)، والاتحاد الأمريكي للمعلمين. كما تدعم الحركة مجموعات مناصرة مثل Indivisible و50501 وMoveOn.
وأكد المنظمون على السلمية، حيث خضع المشاركون لتدريبات على تقنيات خفض التصعيد من خلال وحدات تعليمية عبر الإنترنت وورش عمل مجتمعية.
رد فعل فريق ترامب
انتقد قادة الجمهوريين الاحتجاجات واصفين إياها بأنها معادية لأمريكا. وقال مايك جونسون، رئيس مجلس النواب، على شبكة Fox News:
“كلها جناح مؤيد لحماس وأنتيفا. المتظاهرون تم دفع أموال لهم ليشاركوا”.
وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت:
“تعرفون، ‘لا ملوك’ تعني لا رواتب، لا رواتب ولا حكومة”.
ورفض الرئيس ترامب الاحتجاجات، قائلاً:
“هم يقولون إنهم يشيرون إليّ كملك. أنا لست ملكًا”.
ونشر لاحقًا فيديو بتقنية الذكاء الاصطناعي على منصة Truth Social يظهره يقود طائرة مرتديًا زي ملك ويقذف المتظاهرين بـ”الفضلات”.
وفي الوقت نفسه، حضر حلفاء ترامب، مثل JD Vance ووزير الدفاع بيت هيغسيث، عرضًا عسكريًا حيًا في كاليفورنيا، مما أثار انتقادات حاكم الولاية غافين نيوسوم، الذي قال إن المخاطر الأمنية للحدث تظهر أن الرئيس “يضع غروره فوق المسؤولية”.
دعم المشاهير لحركة “لا ملوك”
أعرب عدد من المشاهير، بينهم الممثل روبرت دي نيرو، عن دعمهم للحركة. وقال دي نيرو في رسالة فيديو:
“لقد مضت علينا قرابة قرنين ونصف من الديمقراطية… والآن لدينا ملك محتمل يريد أخذها منا: الملك دونالد الأول”.
ويشكل حضور نحو سبعة ملايين متظاهر السبت أكبر تعبئة لحركة “لا ملوك” حتى الآن، ويؤكد المنظمون أنهم سيواصلون نشاطهم حتى “تستعاد الديمقراطية”.










