خيم الحزن على الوسط الإعلامي والفني في مصر والعالم العربي بعد إعلان وفاة الإعلامية فيفيان الفقي صباح السبت 18 أكتوبر 2025، بعد صراع طويل وشجاع مع مرض السرطان، عن عمر ناهز 45 عامًا. ونعى عدد كبير من المشاهير والإعلاميين الراحلة بكلمات مؤثرة عبّروا فيها عن حجم الخسارة التي لحقت بالمشهد الإعلامي المصري برحيل واحدة من أنقى الوجوه وأكثرها تأثيرًا
.أعلنت الإعلامية بسمة وهبة الخبر عبر حسابها الرسمي، وهي من أقرب صديقات الراحلة، مؤكدة أنّ فيفيان خاضت معركتها مع المرض بكل إيمان وثبات، ولم تفقد ابتسامتها رغم قسوة الألم. وأضافت وهبة: «كانت قوية حتى اللحظة الأخيرة، تقبّلت المرض برضا، وتحدّت الوجع بصمت كريم يعكس شخصيتها الراقية». تصريحاتها هذه أثارت تفاعلًا واسعًا عبّر خلاله الجمهور عن تقديره لرحلة فيفيان ومعاناتها الطويلة
.كانت فيفيان الفقي قد أعلنت إصابتها بالسرطان للمرة الأولى قبل نحو عامين، وخضعت لسلسلة طويلة من الجراحات والعلاجات الكيميائية، لكنها واجهت المرض بشجاعة نادرة، وظهرت في أكثر من مناسبة تتحدث عن تجربتها قائلة إنها “تؤمن بأن القوة الحقيقية ليست في الجسد بل في الإيمان”. وخلال الأشهر الماضية، تدهورت حالتها الصحية بعد انتشار المرض في عدة أعضاء من جسدها، مما اضطرها إلى مغادرة الشاشة والابتعاد عن الأضواء
.تخرجت فيفيان من كلية الإعلام بجامعة القاهرة، وبدأت مسيرتها المهنية في أوائل الألفية الجديدة ضمن فريق عمل التلفزيون المصري كمذيعة إخبارية، قبل أن تتجه إلى تقديم برامج اجتماعية وإنسانية جريئة مثل “قصص حقيقية” و“حكايات من الشارع”، اللذين تناولا قضايا المرأة والأسرة ومشكلات الفقر والعنف الأسري بطريقة قريبة من نبض الناس
.ورغم ابتعادها التدريجي عن العمل الإعلامي في السنوات الأخيرة بسبب المرض، فإن فيفيان ظلت حاضرة في قلوب جمهورها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كانت تشارك متابعيها برسائل أمل ودعاء، مؤكدة دومًا أنّ “السرطان امتحان من الله لا يُسلب منه سوى الضعفاء”. ذلك الخطاب الإنساني جعلها رمزًا للإرادة والرضا في مواجهة المحن
.وخلال رحلتها مع العلاج، كانت الفقي قد ناشدت المسؤولين في يوليو الماضي عبر الإعلامية بسمة وهبة للحصول على دعم طبي بعد أن تدهورت حالتها. ونشرت وهبة آنذاك مقطع فيديو مؤثر، طالبت فيه وزير الصحة بالتدخل السريع لإنقاذ صديقتها، بعد تعرضها لما وصفته بالإهمال الطبي في أحد المستشفيات الخاصة، حيث خضعت لجراحة معقدة قبل أسابيع من رحيلها
.لم تخلُ حياة فيفيان من المواقف الدرامية خارج الشاشة أيضًا؛ ففي عام 2022 تعرضت إلى محاولة اختطاف من قِبَل سائق تابع لإحدى شركات النقل الذكية، وتمكنت من الفرار، قبل أن ترفع دعوى قضائية ضد الشركة مطالبة بتعويض قدره 100 مليون جنيه. وقد نالت قضيتها حينها تعاطفًا شعبيًا واسعًا، لما جسّدته من شجاعة في الدفاع عن حقها ومواجهة التجاوز تحت مظلة القانون
.كان لكل من عرفها شخصيًا انطباع واحد: الهدوء والإنسانية. فقد اشتهرت بابتسامتها الدائمة ولباقتها أمام الكاميرا، وبعلاقات طيبة جمعتها بأبرز رموز الوسط الإعلامي مثل إيمي سالم ونيرمين الفقي وبسمة وهبة وغيرهن ممن نعوها بكلمات حزينة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وكتبت الفنانة إيمي سالم عبر “فيسبوك”: “يا بختك يا فيفيان، استريحتِ بعد وجع طويل، الله يرحمك ويجعل مرضك في ميزان حسناتك”
.وشيّعت جنازتها ظهر الأحد من مسجد الشرطة بالشيخ زايد، وسط حضور كبير من زملائها وأصدقائها ومحبيها. وأقيم العزاء في اليوم ذاته بالمسجد نفسه، حيث سادت حالة من التأثر الشديد بين الحضور الذين استذكروا مواقفها الطيبة وإنسانيتها الكبيرة، لتغدُو النهاية مؤثرة كما كانت حياتها مثالًا للرقي
.كثير من الإعلاميين وصفوا رحيلها بأنه “فقدان لصوت هادئ في زمن الصخب”. فقد كانت فيفيان نموذجًا للمذيعة التي تجمع بين الرصانة المهنية والدفء الإنساني، وأُطلق على أسلوبها في الحوار لقب “الابتسامة الصادقة”. وبرامجها التي دافعت فيها عن قضايا المرأة والطفل ما زالت تُذكر كإرث تلفزيوني إنساني يحظى بالاحترام بعد رحيلها
.اليوم، ومع رحيلها الأبدي، تبقى فيفيان الفقي علامة فارقة في تاريخ الإعلام المصري الحديث؛ ليست فقط بمسيرتها المهنية المشرقة، بل بقصتها الملهمة عن امرأة واجهت المرض بالعزيمة والحب والإيمان. رحلت الجسد، لكن ما بقي هو سيرتها التي ستُلهم أجيالًا من الإعلاميين بأن الإنسانية تظل أسمى من الأضواء











