لأول مرة منذ أكثر من ربع قرن، تفوقت احتياطات المصارف المركزية العالمية من الذهب على حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية، في تحول يحمل دلالات تتجاوز الاقتصاد… إلى الجغرافيا السياسية، والثقة في النظام المالي العالمي.
الرقم اللافت:
البنوك المركزية تملك اليوم ما قيمته 4 تريليونات دولار من الذهب، مقابل 3.8 تريليونات دولار في سندات الخزانة الأمريكية.
لماذا يحدث هذا الآن؟
تآكل الثقة في الدولار:
بعد عقود من الاعتماد شبه المطلق على الدولار، بدأت الدول تشعر بالخطر من استخدامه كسلاح سياسي. العقوبات، تجميد الأصول، والتدخلات المالية عززت هذا القلق.
تصاعد الديون الأمريكية:
الدين العام الأمريكي بلغ مستويات غير مسبوقة، ومع تصاعد عجز الموازنة، تتضاءل ثقة الأسواق بإمكانية استمرار واشنطن في تمويل هذا الدين دون التضحية بقيمة الدولار.
الاضطرابات الجيوسياسية:
من حرب أوكرانيا، إلى التوتر في شرق آسيا، إلى الصراع في الشرق الأوسط… العالم بات أكثر اضطرابا، والذهب يبقى أصلا ماديا لا يتبعه التزام سيادي أو سياسي.
من يقود هذا التحول؟
الصين وروسيا تتجهان بقوة لفك الارتباط بالدولار، وتعزيز حيازات الذهب.
الهند وتركيا والسعودية أيضا ضمن قائمة الدول التي تزيد من مشترياتها.
حتى دول أوروبا الغربية، رغم تحالفها التقليدي مع أميركا، تملك احتياطات ذهب ضخمة وتبقي عليها دون تغيير.
ما الذي تخبرنا به البنوك المركزية؟
أنها لم تعد ترى الدولار “ملاذا مطلقا”، وأن الذهب يعود بقوة كأصل احتياطي رئيسي، ينظر إليه كـ ضمانة سيادية في زمن الاضطراب.
الرسالة غير المعلنة:”نحن نستعد لعالم أقل اعتمادا على الدولار… وأكثر تعددية في موازين القوى المالية.”
قد لا يستبدل الدولار غدا، لكن التوازن يتغير. الذهب لم يعد فقط سلعة تقليدية، بل عاد ليلعب دورا سياسيا عميقا في السياسات النقدية للدول.
التحول الصامت في خزائن البنوك المركزية… ربما يكون أبلغ من أي خطاب رسمي.










