تستعد مصر في الأسابيع القادمة لتوقيع اتفاق تمويلي جديد مع البنك الدولي، يهدف إلى دعم البنية التحتية والإصلاحات الاقتصادية في ظل تزايد الاحتياجات التمويلية التي تواجهها البلاد. ويأتي هذا التطور في وقت تتكثف فيه مفاوضات القاهرة مع المؤسسات المالية الدولية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي ومواصلة تنفيذ أجندة الإصلاح المتفق عليها.
مصر تقترب من اتفاق تمويلي جديدكشفت مصادر اقتصادية مطلعة أن مصر تجري مفاوضات متقدمة مع البنك الدولي للحصول على قرض جديد، ضمن خطة تمويلية أوسع تشمل مشروعات تنموية في قطاعات الطاقة والنقل والحوكمة والإصلاح الإداري، ويتوقع أن يُعلن عن تفاصيل الاتفاق خلال الربع الأخير من 2025
. ويأتي هذا بعد أن وفر البنك الدولي تمويلات لمصر بقيمة 1.8 مليار دولار خلال العامين الماليين الجاري والمقبل، بزيادة عن التقديرات السابقة التي توقفت عند 1.2 مليار دولار.
وتوضح وثائق البنك الدولي أن التمويلات الجديدة تستهدف دعم برامج التحول الاقتصادي وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وتنفيذ السياسات الخضراء لتوسيع الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة
. كما تشمل الخطة تمويل حزم داعمة للسياسات المالية وتسهيل التنمية المستدامة في المناطق الريفية والمهمشة.
ضغوط اقتصادية واحتياجات تمويل عاجلة
بحسب أحدث تقديرات البنك الدولي، تواجه مصر احتياجات تمويل خارجي تبلغ نحو 20.3 مليار دولار خلال النصف الثاني من عام 2025، وذلك نتيجة للالتزامات المالية الكبيرة على الدولة وعمليات إعادة تمويل الديون المستحقة
وتؤكد هذه البيانات أن القروض الدولية أصبحت ضرورة مؤقتة لضمان استمرارية برنامج الإصلاح الاقتصادي والحفاظ على استقرار سوق النقد المحلي.ويرى خبراء الاقتصاد أن هذه الخطوة تأتي في إطار السياسة الحكومية الرامية إلى تنويع مصادر التمويل الدولية بعيداً عن الاعتماد المفرط على أدوات الدين المحلية. كما أن التعاون مع المؤسسات متعددة الأطراف مثل البنك الدولي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية وصندوق النقد الدولي، يعزز ثقة المستثمرين الأجانب بالاقتصاد المصري.خلفية الاجتماعات الدولية ودور الإصلاحاتتزامنت هذه التطورات مع الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في العاصمة الأمريكية واشنطن، والتي شاركت فيها مصر بوفد اقتصادي رفيع المستوى
. وقد تناولت النقاشات ملفات تتعلق بالإصلاح المالي، وتوسيع نطاق الاستثمار الأجنبي المباشر، وزيادة كفاءة الإنفاق الحكومي.وأكدت وزيرة التخطيط خلال الاجتماعات التزام القاهرة الكامل بمسار التحول الاقتصادي المستدام، مع التركيز على دعم القطاع الخاص ومواصلة مساعي التحول الأخضر، الذي يمثل أحد محاور التعاون مع البنك الدولي خلال الفترة المقبلة
.مزيج من القروض والمنح الأوروبيةبالتوازي مع مفاوضات البنك الدولي، تستعد مصر لتوقيع اتفاق تمويلي آخر مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) في نوفمبر المقبل، بقيمة 220 مليون يورو، يخصص جزء كبير منه لمشروعات البنية التحتية الكهربائية
. ويتضمن الاتفاق قرضًا بقيمة 200 مليون يورو، ومنحة قدرها 20 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي لتغطية الدراسات الاستشارية الخاصة بإنشاء محطة كهرباء ومحولات جديدة تدعم الشبكة الوطنية.
يأتي هذا في سياق خطة استثمارات محلية ضخمة لشركة نقل الكهرباء، تُقدّر بنحو 11 مليار جنيه مصري حتى منتصف 2026، بهدف معالجة مناطق ضعف الأحمال وتوسيع قدرات التوليد والنقل في المحافظات.تأثير القرض على الاقتصاد المحلييتوقع اقتصاديون أن يساهم القرض الجديد من البنك الدولي في تعزيز الاحتياطات النقدية ودعم العملة المحلية عبر توفير سيولة بالعملات الأجنبية.
كما سيساعد في تمويل مشروعات ذات أولوية حكومية مثل تطوير قطاعات النقل والطاقة والمياه، مما يحقق أثراً مزدوجاً في تحسين الخدمات العامة وخلق فرص عمل جديدة.ويرى بعض المحللين أن الاعتماد على القروض الخارجية يحمل تحديات تتعلق بزيادة أعباء الدين، لكنهم يؤكدون أن توجيه التمويلات نحو مشروعات إنتاجية واستراتيجية من شأنه تخفيف المخاطر المستقبلية وتحسين مؤشرات النمو الاقتصادي في المدى المتوسط
يُختتم المشهد الاقتصادي المصري الراهن بتكثيف الجهود نحو تحقيق توازن دقيق بين الحاجة العاجلة للتمويل الخارجي وضمان استدامة المسار الإصلاحي الداخلي. وبينما لا تزال المفاوضات دائرة، فإن القرض الجديد المرتقب من البنك الدولي يبدو خطوة محسوبة في مسار طويل لإعادة بناء الثقة وتحفيز النمو الاقتصادي المستدام في البلاد










