منطقة الحسين وخان الخليلي، الواقعة في قلب القاهرة التاريخية، ليست فقط من أهم المقاصد السياحية في مصر، بل تعد مركزا روحيا وثقافيا بارزا. وهي تحتضن مسجد الإمام الحسين، الذي يعد معلما دينيا ومقصدا للصوفيين ومحبي آل البيت من مصر والعالم الإسلامي.
وفي مثل هذه المناسبات، لا تصبح المنطقة مجرد مقصد ديني، بل تتحول إلى ساحة كبيرة للاحتفال الشعبي، يجتمع فيها الزائرون من كل حدب وصوب، حاملين الرايات، مرددين الأناشيد والابتهالات، في طقوس تمزج بين الإيمان الشعبي والتقاليد الروحية المتوارثة منذ قرون.
الليلة الختامية لمولد الإمام الحسين… ذروة الاحتفال ومحطة سنوية في الوجدان المصري
80 طريقة صوفية ومئات الآلاف من الزوار
بدأت فعاليات مولد الإمام الحسين، حفيد النبي محمد ﷺ، يوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025، الموافق 22 ربيع الآخر 1447 هـ، وتستمر حتى الليلة الختامية، التي توافق الثلاثاء 21 أكتوبر. وتعد الليلة الختامية هي ذروة الاحتفال، إذ تشهد تجمع عشرات الآلاف من المشاركين، إضافة إلى مواكب نحو 80 طريقة صوفية تأتي من مختلف محافظات مصر.
ووفقا لما أعلنته المشيخة العامة للطرق الصوفية، فإن جامع الحسين سيكون هو المركز الرئيسي للاحتفال، الذي يتضمن فقرات من الذكر، وقراءة القرآن، والمدائح النبوية، وتوزيع الطعام والشراب على المشاركين، فيما يتحول محيط المسجد إلى ساحة واسعة تعج بالحياة والروحانيات.
يوسف الحسيني: المولد تعبير عن المحبة الخالصة لآل البيت
في هذا السياق، قال الإعلامي يوسف الحسيني خلال تقديمه برنامج “مساء جديد” على قناة المحور، إن “الاحتفال بمولد الإمام الحسين ليس مجرد مناسبة دينية، بل هو تعبير روحي وشعبي عميق عن حب المصريين لآل البيت”.
وأضاف:”نحو 80 طريقة صوفية تشارك في هذا الحدث العظيم، وهو ما يعكس 80 طريقة لمحبة الله ورسوله… المصريون لديهم محبة خاصة لسيدنا الحسين والسيدة زينب، وهذا الاحتفال هو حالة من التسليم لله والتعلق بالروحانية”.
وأشار الحسيني إلى أن موالد آل البيت، وعلى رأسها مولد الإمام الحسين، تجتذب الزوار من مختلف أنحاء مصر والعالم، وتعد تجسيدا لتراث ديني وثقافي فريد، يستحق الاهتمام والرعاية.
السياحة تتأثر مؤقتا… والإغلاق لحماية الجميع
رغم أن القرار بإغلاق خان الخليلي والحسين أمام السياح قد ينظر إليه كعامل سلبي مؤقت في السياحة، إلا أن خبراء أكدوا أن الإجراء احترازي وتنظيمي بامتياز، هدفه الأول الحفاظ على أمن الزائرين المحليين والأجانب، في ظل التوقعات بزحام غير مسبوق في تلك المنطقة التاريخية الضيقة.
وأكدت غرفة شركات السياحة أن القرار لا يشمل باقي مناطق القاهرة، كما أن استئناف الحركة السياحية سيكون بشكل طبيعي ابتداء من صباح الأربعاء 22 أكتوبر.
مظاهر الاحتفال… بين القداسة والفرح الشعبي
تمتاز الليلة الختامية لمولد الإمام الحسين بطابع خاص، حيث تتحول المنطقة المحيطة بالجامع إلى مشهد فني وروحاني واسع.
ورغم أن الاحتفال يحمل طابعا شعبيا، إلا أن طقوسه تحمل جذورا صوفية وروحانية عميقة، وتعبر عن ثقافة مصرية متجذرة في حب آل البيت والتمسك بالتقاليد الدينية.
يمثل إغلاق خان الخليلي والحسين مؤقتا أمام السياحة، مؤشرا على خصوصية المناسبة ومكانتها في قلب المصريين، كما يعكس في الوقت ذاته حرص الدولة وأجهزتها على تنظيم الاحتفال وضمان سلامة الجميع.
وبينما يغلق باب خان الخليلي مؤقتا، تفتح أبواب القلوب على مصراعيها لذكر الحسين ومحبة آل البيت، في ليلة تجسد امتزاج المصريين العميق بين الدين والتراث والهوية.











