بدأت السلطات المحلية في ولاية الخرطوم يوم الاثنين 20 أكتوبر 2025 عمليات إزالة حي مانديلا في منطقة مايو جنوب العاصمة، في خطوة أثارت جدلا واسعا بين السودانيين.
ويعد حي مانديلا أحد أبرز الأحياء العشوائية في الخرطوم، وتأتي إزالته ضمن حملة أوسع لمكافحة السكن غير المنظم وتنظيم المناطق الحضرية بعد سنوات من الصراع المسلح الذي أدى إلى انهيار الخدمات وانتشار الفوضى العمرانية.
خلفية الحي وتاريخه
نشأ حي مانديلا منذ أكثر من 20 إلى 30 عاما كتجمع عشوائي لعمال يوميين وعائلات فقيرة مهاجرة من الريف والمناطق المتضررة من النزاعات. يقطنه حوالي 10-15 ألف نسمة قبل اندلاع الحرب في أبريل 2023، ويعاني الحي من نقص في البنى التحتية الأساسية مثل الصرف الصحي والكهرباء والمياه النظيفة، مما جعله عرضة للأوبئة والفيضانات، خاصة تلك التي ضربت الخرطوم في سبتمبر 2025.
أسباب العملية والتفاصيل الرسمية
أعلنت السلطات أن عملية الإزالة تهدف إلى تنظيم التخطيط العمراني واستعادة الأراضي لاستخدامات عامة كالبناء المنظم والمرافق العامة، مع تعزيز الأمن ومكافحة الإجرام.
ونفذت قوات أمنية العملية بهدم المنازل الطينية والخيام في الحي دون إخطار مسبق كاف، في ظل مخاوف من وجود عناصر مسلحة و”أوكار إجرام”، بحسب وصف المسؤولين.
الآراء المعارضة والمخاوف الإنسانية
أثارت الإزالة مخاوف من تهجير آلاف السكان دون وجود بدائل سكنية واضحة، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية مثل الكوليرا والمجاعة.
وقد دان حزب المؤتمر السوداني العملية ووصفها بأنها “جريمة في حق الإنسانية” وانتقادها لغياب العدالة الاجتماعية، مطالبا بفتح تحقيق شفاف وتعويض المتضررين.
كما أدانت منظمات حقوقية مثل “أطباء بلا حدود” الإجراءات، محذرة من تهجير قسري لنحو 10-15 ألف نسمة، خاصة مع انهيار الخدمات الصحية في الخرطوم. ودعت منظمات مدنية وقوى سياسية إلى الوقوف ضد هذه السياسات التي تستهدف الفقراء والمهمشين.
الجدل العام وردود الفعل
انقسم الرأي بين داعمين يرون في الإزالة خطوة ضرورية لإعادة بناء الخرطوم وتنظيف الأحياء المجاورة من الإجرام، ومعارضين يعتبرونها طردا قسريا يفاقم الأزمات الإنسانية. وانتشرت دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي تطالب الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بالتدخل.
التأثيرات الإنسانية والاقتصادية
تسبب النزوح في زيادة الكثافة السكانية في أحياء أخرى، مع تدهور الأوضاع الصحية والاقتصادية للسكان الذين يعتمدون على أعمال يومية في الأسواق المجاورة. كما دعت منظمات دولية إلى توفير إعادة توطين عاجلة للمتضررين.
تظهر عملية إزالة حي مانديلا التحديات الكبيرة التي تواجه السودان بين الحاجة إلى التنظيم العمراني وتحسين الأمن، وبين ضرورة حماية الحقوق الإنسانية للسكان المتضررين. وفي ظل الأزمات المتواصلة، تبقى الحاجة ماسة إلى سياسات متوازنة تجمع بين التخطيط الحضري والدعم الإنساني لضمان استقرار العاصمة وحماية كرامة سكانها.










