كوسوفو ترحب بإستقبال طالبي اللجوء المرفوضين من بريطانيا
أول دولة تقبل فكرة “مراكز الترحيل” خارج أوروبا… وجدل حادّ في البلقان حول “تصدير المهاجرين” من لندن
في خطوة وُصفت بأنها “سابقة في أوروبا”، أعلنت كوسوفو استعدادها لاستقبال طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم في بريطانيا، في إطار خطة حكومية بريطانية مثيرة للجدل لإنشاء ما يُعرف بـ “مراكز العودة” أو “مخيمات الترحيل” في دولٍ ثالثة.
رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي أكد في تصريحات لصحيفة التايمز أن بلاده “تريد مساعدة المملكة المتحدة” وأن مفاوضات جارية بين المسؤولين في البلدين لبحث آليات تطبيق الخطة. وقال كورتي:
“نعتبر ذلك واجبًا سياسيًا وأخلاقيًا تجاه بريطانيا التي ساعدتنا كثيرًا. لدينا قدرة محدودة، لكننا مستعدون للتعاون لما فيه مصلحة مشتركة.”
كورتي أوضح أن كوسوفو ستسعى في المقابل للحصول على دعم أمني من لندن، سواء عبر اتفاقيات استراتيجية أو تجهيزات ومشروعات مشتركة، مضيفًا:
“سنستفيد بلا شك، لكن قبل كل شيء نحن نؤدي واجبنا تجاه بلد وقف معنا عندما احتجنا إليه.”
البلقان منقسمون… وكوسوفو “حالة شاذة”
ردود الفعل في المنطقة كانت حادة. ففي حين سارعت كوسوفو إلى تأكيد نيتها التعاون مع لندن، رفضت معظم دول البلقان الفكرة.
رئيس وزراء ألبانيا إيدي راما انتقد الخطة بحدة قائلاً إن “البحث عن أماكن لتفريغ المهاجرين” يُظهر أن بريطانيا “تمرّ بمرحلة مظلمة سياسيًا وأخلاقيًا”.
وأضاف:
“ثمانون في المئة من الخطاب الدائر اليوم في بريطانيا كان سيُعتبر قبل بريكست غير مقبول، بل مخزيًا.”
رئيس مجلس رئاسة البوسنة والهرسك جليكو كومشيتش أعلن أن بلاده “لن تستقبل أي أشخاص قادمين من بريطانيا”، بينما أبدى رئيس وزراء الجبل الأسود ميلويكو سبايتش استعدادًا مشروطًا للتفاوض فقط في حال استثمار بريطاني ضخم في البنية التحتية لبلاده.
قمة لندن: “طريق البلقان” تحت المجهر
تأتي هذه التصريحات عشية قمة زعماء البلقان الغربيين في لندن، التي دعا إليها رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بهدف تعزيز التعاون الأمني و”إغلاق الممر الإجرامي” الذي يعبر من خلاله المهاجرون نحو أوروبا.
وقال ستارمر في تصريحات لصحيفة ذا صن:
“نحن نعمل على إنشاء قوة مهام مشتركة لمكافحة الهجرة غير النظامية، باستخدام طائرات مُسيّرة وأجهزة مسح بريطانية عند النقاط الحيوية.”
وأكد أن التعاون مع دول المنطقة أدى إلى “خفض عدد العبور غير النظامي بنسبة 50%”، وأن وصول القوارب الصغيرة من ألبانيا انخفض بنسبة 95% خلال عام واحد بفضل التعاون الثنائي.
منظمات حقوقية: “سياسة غير إنسانية”
منظمات اللاجئين وصفت فكرة “مراكز العودة” بأنها غير إنسانية ومخالفة للأعراف الدولية.
وقال إنفر سولومون، المدير التنفيذي لمجلس اللاجئين البريطاني:
“تهديد الناس باحتجازهم في دول لم تطأها أقدامهم يزرع الخوف والفوضى، ويجعل الامتثال للقانون شبه مستحيل.”
وأضاف أن الأنظمة الفعالة لإعادة اللاجئين هي تلك التي تحترم الكرامة الإنسانية، لا التي تعتمد على العقاب والترحيل القسري.
⸻
أزمة أخلاقية في قلب بريطانيا
الخطوة الكوسوفية، وإن كانت تحمل طابع التعاون السياسي، كشفت مجددًا أزمة عميقة في سياسة الهجرة البريطانية بعد البريكست، إذ يرى مراقبون أن لندن تحاول نقل عبء أزماتها الداخلية إلى دول فقيرة، في مشهد يُعيد إلى الأذهان مشروع “رواندا” الذي واجه انتقادات واسعة وفشل في التنفيذ.
ورغم أن كوسوفو تبحث عن دعم سياسي وأمني من لندن، إلا أن قبولها بلعب دور “مكبّ للمهاجرين المرفوضين” قد يضعها في مواجهة انتقادات محلية ودولية حادة، خصوصًا في ظل هشاشة اقتصادها وصغر مساحتها.










