أعلن التنظيم الديمقراطي لعفر البحر الأحمر (RSADO) عزمه تطوير قدراته العسكرية، لا سيما البحرية، لمواكبة المرحلة السياسية والعسكرية المقبلة، محذرا من التهديد المتنامي الذي يشكله نظام الرئيس الإريتري أسياس أفورقي على استقرار منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي بأكملها.
جاء ذلك في بيان عسكري صدر عن التنظيم، تزامنا مع تخريج دفعة جديدة من مقاتليه في منطقة العفر، حيث صرح رئيس التنظيم إبراهيم هارون أن القيادة بصدد تأسيس قوات بحرية مدربة ومجهزة، لمواجهة التحديات الأمنية وحماية مصالح الشعب العفري في إقليم دنكاليا الساحلي.
وقال هارون إن “استمرار حكم أفورقي لا يهدد فقط الشعب الإريتري، بل يمتد خطره إلى دول الجوار والمصالح الدولية في البحر الأحمر”، داعيا المجتمع الدولي إلى دعم قوى المعارضة الإريترية ومواجهة ما وصفه بـ”سياسات القمع والتمدد الإقليمي للنظام”.
تدريبات عسكرية وتصعيد في الخطاب
بالتوازي مع هذا التصريح، أجرى RSADO تدريبات ميدانية لقواته المسلحة في مناطق العفر، في ما ينظر إليه كمؤشر على تصعيد استراتيجي وربما استعداد للانتقال إلى مرحلة جديدة من العمل المسلح، وسط تجدد الحديث عن حق تقرير المصير للشعب العفري، وربما العودة لطرح خيار الانفصال كحل أخير.
وتأتي هذه الخطوة في وقت حساس، تشهد فيه منطقة البحر الأحمر تنافسا متزايدا، خاصة في ظل سعي إثيوبيا للحصول على منفذ بحري، ما يضع إقليم العفر في قلب صراع جيوسياسي بين أديس أبابا وأسمرة، ويزيد من أهمية التنظيم كفاعل محلي له امتدادات عرقية وإستراتيجية.
العفر: شعب عابر للحدود وهامشي سياسيا
يعد شعب العفر، أو العفريون، من الشعوب العرقية الكبيرة في القرن الإفريقي، ويتوزعون بين إثيوبيا، إريتريا، وجيبوتي، ويتحدثون لغة “عفر أف” المنحدرة من اللغات الكوشية.
ويعتبر إقليم دنكاليا، الممتد على الساحل الجنوبي لإريتريا، بمثابة القلب التاريخي لهويتهم، لكنه يشهد ما يصفه ناشطو RSADO بأنه تهميش ممنهج، وحرمان من الحقوق السياسية والثقافية.
ويقول التنظيم إن النظام الإريتري يمارس التهجير القسري، التجنيد الإجباري، ومصادرة الأراضي ضد سكان الإقليم، وهي انتهاكات دفعت RSADO منذ تأسيسه في منتصف التسعينات إلى تبني مسارين: سياسي ودبلوماسي، وآخر مسلح.
وفي يوليو 2025، جدد التنظيم التزامه بالكفاح لتحقيق أهدافه، مشيرا إلى أن الانفصال لا يزال “خيارا مطروحا” في حال استمرار ما سماه “اضطهاد العفر”.
أبعاد إقليمية ودولية
تتزايد أهمية تحركات RSADO في ضوء التوترات الإقليمية على سواحل البحر الأحمر، مع تحول المنطقة إلى ساحة صراع على النفوذ بين قوى محلية وإقليمية، لا سيما مع تصاعد أنشطة إيران، ووجود قواعد عسكرية لدول كبرى في جيبوتي، فضلا عن انخراط إسرائيل والإمارات في ملفات الأمن البحري.
وفي هذا السياق، يبدو أن RSADO يحاول تعزيز حضوره العسكري والسياسي للاستفادة من التحولات الجارية، وربما للحصول على دعم دولي أو إقليمي، عبر طرح نفسه كـ”بديل عفري معتدل” في وجه النظام الإريتري، الذي يواجه بدوره عزلة دولية متزايدة.










