أعلن رئيس لجنة الرقابة والإصلاح في مجلس النواب الأمريكي، الجمهوري جيمس كومر، الثلاثاء، أن اللجنة بصدد توجيه طلب رسمي للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون للإدلاء بإفادته في إطار التحقيقات الجارية حول شبكة علاقات رجل الأعمال الراحل جيفري إبستين، المدان سابقاً بجرائم جنسية واستغلال قاصرات.
وقال كومر في بيان صحفي إن اللجنة حددت مهلة 14 يوماً أمام كلينتون للرد على الطلب، مضيفاً أن شهادته قد تُسهم في توضيح طبيعة تواصله مع إبستين، خصوصاً بعد الكشف عن مستندات جديدة تُظهر حصول اتصالات متكررة بين الطرفين خلال سنوات سابقة. وأكد أن اللجنة تسعى إلى “ضمان الشفافية وكشف كل الملابسات المتعلقة بشبكة العلاقات التي ساعدت إبستين على تجنب المحاسبة لفترة طويلة”.
خلفيات وتحقيقات مستمرة
تأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة استدعاءات شملت شخصيات سياسية ومسؤولين سابقين يُشتبه بارتباطهم بعلاقات مباشرة أو غير مباشرة بإبستين. وقد أجرت اللجنة بالفعل مقابلات مع عدد من موظفي مكتب إبستين، كما حصلت على سجلات مالية ومراسلات إلكترونية يتوقع أن تسلط الضوء على امتداد نفوذه.
ويركز التحقيق على محورين أساسيين:
- مصادر التمويل والغطاء الاجتماعي لأنشطة إبستين وشبكة العلاقات التي استخدمها لتحسين صورته العامة.
- الاتصالات الشخصية واللقاءات التي جرت بين إبستين وشخصيات رفيعة المستوى، بعضها قد يكون وفّر له حماية سياسية أو أمنية ضمنية.
وبالتوازي مع هذا المسار، فتحت لجنة الشؤون القضائية في الكونغرس تحقيقاً آخر حول ما إذا كانت وكالات إنفاذ القانون قصّرت أو تغاضت عن ملاحقة إبستين في فترات سابقة، وهو ما يعزز المخاوف من وجود “نفوذ سياسي” كان يحول دون محاسبته.
ردود فعل متباينة
ورغم عدم صدور تعليق رسمي مباشر من مكتب بيل كلينتون، فإن متحدثاً سابقاً باسمه أوضح أن الرئيس الأسبق “مستعد للتعاون الكامل مع أي تحقيق قانوني يتعلق بإبستين”، مؤكداً أنه سيوفر كل ما بحوزته حول طبيعة علاقته به.
إلا أن المشهد السياسي الأمريكي انقسم حول خطوة لجنة الرقابة. فقد اعتبر عدد من الديمقراطيين أن الطلب يعكس “توظيفاً سياسياً” للتحقيق في محاولة لاستهداف شخصيات بارزة من الحزب، فيما أكد الجمهوريون أن القضية تتعلق بـ”تتبّع الحقيقة دون استثناء أي اسم مهما كان موقعه”.
وقال النائب الديمقراطي آدم سميث إن “التحقيقات التي تتحول إلى مطاردة خصوم سياسيين لا تخدم المصلحة العامة”، بينما شدد بعض الجمهوريين على أن “الاستجواب هو حق دستوري، خاصة في الملفات التي تمس شبكات النفوذ والفساد العابر للمؤسسات”.
موقف الإدارة الأمريكية
البيت الأبيض من ناحيته تجنب التعليق المباشر، مكتفياً بالقول إنه “يحترم صلاحيات الكونغرس الرقابية”، لكنه دعا في الوقت نفسه إلى تركيز الجهود التشريعية على الملفات الاقتصادية والأمنية الأشد إلحاحاً بالنسبة للناخب الأمريكي.
سيناريوهات المرحلة المقبلة
من المنتظر أن تحدد الاستجابة المرتقبة من مكتب كلينتون مسار المرحلة التالية من التحقيق. فقبول الإدلاء بإفادته طوعاً قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من كشف التفاصيل، بينما قد يؤدي التأخير أو الرفض إلى تصعيد رقابي داخل اللجنة، وربما إصدار مذكرة استدعاء رسمية أو حتى التوصية بمساءلة قانونية.
ويرى محللون في واشنطن أن ملف إبستين ما زال يمثل “قنبلة سياسية مؤجلة”، نظراً لتشابك علاقاته بنخبة مالية وسياسية عابرة للحزبين، وأن إفادة كلينتون ـ إذا تمت ـ ستكون محطة مفصلية في معرفة مدى اتساع دائرة المتورطين داخل منظومة النفوذ الأمريكية.










