سيف الإسلام القذافي يهاجم “مرتزقة الناتو” ويعلق على سجن ساركوزي: “العدالة ستذهب إليهم”
في تزامن لافت مع الذكرى الرابعة عشرة لمقتل والده، ومع صدور حكم سجن بحق الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، خرج سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، في هجوم لاذع على من وصفهم بـ”مرتزقة الناتو”، متهما الغرب بتحريف التاريخ الليبي، وبالتورط في جرائم حرب لم تحاسب.
وكتب سيف الإسلام، عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس” (تويتر سابقا)، الأربعاء، أن الروايات الغربية حول تاريخ ليبيا مليئة بالتزييف، معتبرا أن سردية “الجهاد الشعبي” ضد الاستعمار الإيطالي لا تعكس الحقيقة كاملة.
وقال: “لقد تم التلاعب بتاريخ ليبيا، وحجبت كثير من الحقائق، بل جرى تحريفها وتغييرها، من أجل أن يظهر الشعب الليبي كله مجاهدا ومقاتلا ضد الاستعمار الإيطالي، وهذا طبعا غير صحيح”.
وأشار إلى أن الوثائق الإيطالية ومذكرات قادتها تثبت أن الغالبية العظمى من المشاركين في الحملات العسكرية على المجاهدين الليبيين بعد عام 1915 كانوا من “المجندين والمرتزقة الليبيين”، إلى جانب مرتزقة إريتريين، بينما اكتفى الإيطاليون بالقيادة والتخطيط.
في ذكرى مقتل القذافي: اتهامات صريحة لحلف الناتو
سيف الإسلام القذافي استغل الذكرى السنوية لمقتل والده في 20 أكتوبر 2011 ليجدد اتهاماته للتحالف الدولي بقيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، واصفا ما حدث بـ”جريمة حرب موثقة بالصوت والصورة”.
وأوضح أن عملية اغتيال القذافي كانت نتيجة مباشرة لتدخل عسكري أطلقته فرنسا تحت اسم “هارماتان”، تلاه تدخل أمريكي وبريطاني وفرنسي تحت عملية “فجر الأوديسا”، ثم عملية “الحامي الأوحد”، مؤكدا أن العمليات شاركت فيها 48 دولة، ونفذ خلالها أكثر من 26,500 طلعة جوية و9,700 غارة.
واتهم سيف الإسلام “حكومة الخونة” في طرابلس – على حد وصفه – بأنها أصدرت قانونا يمنح الحصانة لكل من ارتكب جرائم حرب من جانب القوات الموالية للناتو، وهو ما يجعل – حسب تعبيره – جلب المتورطين إلى العدالة أمرا مستحيلا.
وأضاف: “ذهبت العدالة الإلهية إليهم، وهي التي يروق للبعض أن يسميها لعنة القذافي، ومن بقي منهم الآن – وهم قليل – فليكونوا على يقين أن العدالة يوما ما ستجلبهم، أو ستذهب إليهم”.
قضية تمويل ساركوزي… وعلاقة محتملة بمقتل القذافي
رسالة سيف الإسلام جاءت في وقت حساس، بعد أيام من سجن نيكولا ساركوزي في فرنسا في قضية فساد منفصلة، ولكن في ظل تواصل التحقيقات حول قضية التمويل الليبي لحملته الانتخابية عام 2007.
وتكررت على مدار السنوات الماضية تقارير إعلامية واتهامات من مسؤولين سابقين في ليبيا بأن القذافي خصص ما يصل إلى 50 مليون يورو لدعم حملة ساركوزي، وهي مزاعم تنفيها باريس بشكل قاطع، وتؤكد عدم وجود دليل مادي يثبت ذلك.
إلا أن توقيت مقتل القذافي، بعد شهور فقط من اندلاع ثورة فبراير 2011، ربطه البعض بمحاولات لإسكاته، لا سيما بعد تهديدات أطلقها مقربون من النظام الليبي السابق بكشف وثائق تمويل الحملة الانتخابية الفرنسية.
وسبق أن نشرت تقارير صحفية تشير إلى احتمال تورط أجهزة استخبارات غربية، منها الفرنسية، في تتبع مكان الزعيم الليبي الراحل قبل مقتله في سرت، وهو ما تنفيه فرنسا رسميا.
تهديدات لساركوزي داخل السجن
وقد زادت سخونة الملف بعد تداول مقاطع فيديو من داخل سجن “لا سانتيه” في باريس، حيث يحتجز ساركوزي، تظهر تلقيه تهديدات من نزلاء يعتقد أنهم من أصول مغاربية أو أفريقية، توعدوه بـ”الانتقام لمعمر القذافي”، وطالبوه بـ”إعادة المليارات”.
وأثارت هذه المشاهد جدلا واسعا في فرنسا، حيث اعتبرها مراقبون خطرة على أمن الرئيس السابق، فيما دعا آخرون إلى مراجعة شروط احتجازه.
خلفية:
20 أكتوبر 2011: قتل معمر القذافي في سرت خلال غارة جوية أعقبها اعتقاله وإعدامه ميدانيا على يد تشكيلات مسلحة.
مارس 2011: بدأت العمليات الجوية للتحالف الدولي في ليبيا بمشاركة فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.
مارس 2024: أعادت وسائل الإعلام فتح ملف التمويل الليبي لحملة ساركوزي بعد صدور حكم بالسجن ضده في قضايا أخرى.
أكتوبر 2025: نشر سيف الإسلام القذافي بيانا مطولا يربط بين الذكرى السنوية لمقتل والده وسجن ساركوزي، متحدثا عن “العدالة الإلهية” و”مرتزقة الناتو”.
يراهن سيف الإسلام القذافي على تقاطع أحداث الماضي مع الحاضر لإعادة فتح ملفات مسكوت عنها، على رأسها دور الغرب في الإطاحة بوالده ومقتله، وتمويل الحملات الانتخابية الأوروبية بأموال مشبوهة. وبينما تصر باريس على نفي الاتهامات، يبدو أن “لعنة القذافي”، كما يسميها البعض، لا تزال تلاحق عناوين الأخبار.










