تقترب تايلاند وكمبوديا من إنهاء أشهرٍ من التوترات والاشتباكات الحدودية، بعد أن أسفرت المفاوضات التي جرت هذا الأسبوع في كوالالمبور عن ما وصفه وزير الدفاع التايلاندي ناتافون ناركفانيت بأنه “تقدّم ملموس”.
ويأتي هذا التطور بعد صراعٍ دموي استمر خمسة أيام في يوليو الماضي، أودى بحياة ما لا يقل عن 48 شخصاً وتسبب في نزوح مئات الآلاف من الجانبين، في أسوأ مواجهة بين البلدين منذ عقود. ورغم توقيع اتفاق وقف إطلاق نار برعاية أميركية في 28 يوليو، ظلت التوترات قائمة بسبب المناطق الحدودية المتنازع عليها وملفات الجرائم الإلكترونية. ومن المقرر توقيع اتفاق السلام النهائي يوم الأحد المقبل في كوالالمبور لتثبيت الهدنة وتحويلها إلى سلام دائم.
أهمية الاتفاق
يمثل الاتفاق المرتقب خطوة جوهرية نحو تعزيز الاستقرار الإقليمي في منطقة جنوب شرق آسيا، التي طالما عانت من نزاعات حدودية وتنافسات سياسية متشابكة. وإذا ما أُنجز، فقد يشكّل نموذجًا يُحتذى به في تسوية النزاعات داخل المنطقة، ويؤكد دور رابطة دول آسيان (ASEAN) كوسيط للسلام.
ويأتي الاتفاق أيضًا في لحظة جيوسياسية حساسة، إذ من المتوقع أن يحضر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مراسم التوقيع على هامش قمة آسيان، في إشارة إلى اهتمام واشنطن بالحفاظ على الهدوء في منطقة يتزايد فيها النفوذ الصيني.
كلا الجانبين وصفا المفاوضات بأنها نقطة تحول تاريخية. فقد أعلن وزير الدفاع التايلاندي أن الجانبين اتفقا على أربعة محاور أساسية:
1. سحب الأسلحة الثقيلة من المناطق الحدودية.
2. إطلاق عمليات مشتركة لإزالة الألغام.
3. تشكيل فريق ثنائي لمكافحة الجرائم الإلكترونية.
4. تنسيق الجهود لترسيم الحدود بين مقاطعتي سا كايو التايلاندية وبانتياي مينشي الكمبودية.
من جانبه، أشاد نائب رئيس الوزراء الكمبودي تي سيها بالمفاوضات، معتبرًا أنها “تجسّد الثقة المتبادلة”، وأكد أن الاتفاق سيتضمن إطلاق سراح 18 جنديًا كمبوديًا محتجزًا لدى الجانب التايلاندي. وقد شارك مراقبون من ماليزيا والولايات المتحدة في المفاوضات، ما يعكس دعمًا دوليًا متزايدًا لمسار السلام.
ما المتوقع لاحقًا
من المنتظر أن يتم توقيع اتفاق السلام رسميًا يوم الأحد في كوالالمبور، بحضور الرئيس الأمريكي وقادة آسيان. وسيبدأ البلدان فورًا تنفيذ خطة سحب القوات وإطلاق دوريات مشتركة لتجنب أي اشتباكات مستقبلية.
ويرى مراقبون أن التوقيع المرتقب قد يفتح الباب أمام استعادة العلاقات الدبلوماسية والتجارية الكاملة بين البلدين، لكنه سيشكل أيضًا اختبارًا حقيقيًا لقدرة الطرفين على الحفاظ على التعاون بعد وقف إطلاق النار.










