تركيا تشتري طائرات “تايفون” مستعملة وتفاوض على صفقات مع الغرب لتفادي الفراغ العسكري…
بينما مشروع المقاتلة الوطنية يتعثر بين الطموح والتأجيل أعلنت تركيا عن خططها لشراء مقاتلات حربية متقدمة من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) وشركاء آخرين إلى أن تصبح مقاتلتها المحلية من الجيل الخامس “كاان (KAAN)” جاهزة للعمل.
وأكد مصدر في وزارة الدفاع التركية أن البلاد ستسد فجوتها الدفاعية مؤقتًا عبر شراء طائرات من الخارج للحفاظ على قدرات قواتها الجوية.
تأتي هذه الخطوة بينما تتفاوض أنقرة بشكل نشط للحصول على مقاتلات “يوروفايتر تايفون (Eurofighter Typhoon)” و“إف-16” و“إف-35”، في الوقت الذي يقوم فيه الرئيس رجب طيب أردوغان بجولة تشمل الكويت وقطر وعُمان لتعزيز العلاقات الإقليمية والتعاون الدفاعي. وتشير التقارير إلى وجود صفقة شبه نهائية مع بريطانيا، تتضمن حصول تركيا في المرحلة الأولى على 12 طائرة “تايفون” مستخدمة من قطر وعُمان لتلبية الاحتياجات التشغيلية العاجلة.
بين الحلم بالاستقلال والواقع العسكري
القرار التركي لا يتعلق فقط بشراء طائرات، بل يكشف مفارقة كبرى في السياسة الدفاعية لأنقرة:
فبينما ترفع شعار الاكتفاء الذاتي في الصناعات العسكرية، تجد نفسها مضطرة للعودة إلى السوق الغربية لتأمين جاهزية قواتها الجوية.
مشروع “كاان” الذي يمثل طموح تركيا في امتلاك مقاتلة من الجيل الخامس، يواجه تأخيرات وتحديات تقنية وزمنية، مما يدفع الحكومة إلى البحث عن حل مؤقت حتى لا تفقد توازن القوة في محيط إقليمي متوتر ووسط التزامات الناتو العسكرية.
القرار أيضًا يحمل أبعادًا جيوسياسية حساسة: فالعلاقة المعقدة مع واشنطن بعد أزمة صواريخ “إس-400” الروسية وتجميد المشاركة في برنامج “إف-35” دفعت أنقرة إلى توسيع هامش المناورة بين الغرب ودول الخليج، ساعيةً إلى صيغة جديدة من الاعتماد المرن بدلًا من التبعية المطلقة.
اللاعبون في خلفية المشهد
• تركيا: تحاول تحقيق توازن دقيق بين الحاجة الفورية إلى طائرات مقاتلة وبين الحفاظ على سردية “الاستقلال الدفاعي”.
• بريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي: يرون في الطلب التركي فرصة اقتصادية مربحة، لكنهم يزنونها بمخاوف سياسية واستراتيجية.
• قطر وعُمان: تتحولان إلى جسر مؤقت لأنقرة، عبر تزويدها بطائرات “تايفون” المستعملة.
• مجمع الصناعات الدفاعية التركي: يراقب التطورات بقلق، لأن تأخر “كاان” قد يهدد سردية تركيا كقوة صناعية عسكرية صاعدة.
الطريق إلى السماء… مؤقتًا
تتوقع وزارة الدفاع التركية أن تُحسم صفقة “التايفون” قريبًا، ما سيفتح الباب أمام أولى عمليات التسليم.
لكن السؤال الأهم: كم من الوقت ستبقى تركيا رهينة لشراء المقاتلات الأجنبية؟
الإجابة مرهونة بقدرة “كاان” على اجتياز مراحل الاختبار والإنتاج دون مزيد من التأخير.
إذا نجحت أنقرة في الجمع بين التأمين العاجل والتطوير المحلي، فستخرج من هذه المرحلة وهي أكثر استعدادًا واستقلالية.
أما إذا طال انتظار “كاان”، فقد تتحول مقاتلات الغرب من جسر مؤقت إلى قيد دائم يربط الطموح التركي بواقعه المحدود.










