ألقى البرلمان المصري بظلال ثقيلة على المجتمع العقاري عقب إقرار التعديلات النهائية لقانون الإيجار القديم رقم 164 لسنة 2025، والتي أصبحت نافذة بعد توقيع رئيس الجمهورية وصدورها في الجريدة الرسمية يوم 4 أغسطس الماضي. حمل القانون الجديد آمالا للآلاف من ملاك الوحدات المؤجرة لعقود قديمة وشكّل في الوقت نفسه تحديا واقعيا أمام ملايين الأسر المستأجرة، ما بين مخاوف الإخلاء وعبء الزيادات الإيجارية
.أبرز ملامح وتفاصيل القانون الجديدوفقًا للتشريع الجديد، تطبّق قواعد القانون على الوحدات السكنية وغير السكنية المؤجّرة قبل يناير 1996. المادة الأساسية تحدد انتهاء جميع عقود الإيجار السكني الشامل بحد نهائي مدته سبع سنوات من تاريخ التطبيق الرسمي للقانون، بينما تنتهي عقود الإيجار للأغراض التجارية والإدارية (مثل المحلات والمقار والشركات) بعد خمس سنوات فقط
.ويشمل القانون زيادات سنوية تراكمية بنسبة 15% من قيمة آخر إيجار مسدّد طوال مدة الفترة الانتقالية، ما يؤسس لعهد جديد في المعادلة العقارية إذ يكسر جمود القيم الإيجارية القديمة ويقرّبها تدريجيًا إلى مفهوم القيمة السوقية
وحدّد التشريع حداً أدنى لقيمة الإيجار بعد التعديل: لا يقل عن 1000 جنيه شهريا في المدن، و500 جنيه في القرى للسكني، إلى جانب زيادة القيمة لخمس أضعاف للوحدات التجارية على الأقل
.ضوابط الإخلاء وضمانات العدالة لكلا الطرفين
من أهم بنود القانون – إلى جانب الفترات الانتقالية – تمكين المالك من طلب الإخلاء الفوري للوحدة عند إخلال المستأجر بشروط رئيسية، مثل إغلاق الوحدة لأكثر من 12 شهراً متتالية بدون مبرر، أو امتلاك المستأجر أو أسرته لوحدة ملائمة بديلة تُغني عن محل السكن القديم
كما ألغى القانون حق الامتداد التلقائي للعقود للأقارب غير المباشرين للمستأجر بعد وفاته، وقنّن الامتداد لأبناء الدرجة الأولى فقط ولفترة انتقالية محدد
.ولم يغفل التشريع الترتيبات الإنسانية، حيث ألزمت اللجان المختصة بتوفير قاعدة بيانات دقيقة للمناطق وتصنيفها إلى متميزة، متوسطة، واقتصادية، لتحديد القيم الإيجارية بصورة عادلة، وأعطت للفئات الأكثر احتياجا أولوية في الحصول على بدائل (وحدة جديدة من الدولة سواء بالإيجار أو التمليك) في حال اضطرارهم للإخلاء
.جدل برلماني ومجتمعي حول الدستورية والحماية الاجتماعيةلم تخمد حالة الجدل بعد، فالمشهد القانوني يشهد استمرار دعاوى قضائية لوقف تنفيذ تعديلات القانون أمام المحكمة الدستورية العليا، بحجة المساس بحقوق المواطن في السكن والمساواة أمام القانون، بينما ينحاز قطاع واسع من الملاك إلى سرعة تطبيق القانون تحقيقاً لاستعادة جدوى الاستثمار العقاري وضمان العدالة في قيمة الإيجار
.في المقابل، تعهدت الحكومة ووزارة الإسكان بدراسة حالات الفئات الأولى بالرعاية والتدرج في التطبيق منعًا لأي صدمات اجتماعية مفاجئة، خاصة بعد الإعلان عن منصة إلكترونية للوحدات البديلة لضمان عدم بقاء أي أسرة دون مأوى حقيقي بسبب انتهاء مدة عقدها القديم
.تقييم اقتصادي ومستقبلي للقانون
تشكل التعديلات تحولا مفصليًا في سوق العقارات المصري، إذ يتوقع أن يسهم القانون في انعاش استثمارات القطاع وتحسين استدامته، مع تعزيز حماية الملكية الخاصة، لكنه يحمل تحديات اجتماعية ومالية للمستأجرين محدودي الدخل، وهو ما تستعد الدولة لمواجهته بحزمة إجراءات اجتماعية ومراقبة دقيقة لتطبيق نصوص القانون وضمان عدم التلاعب أو استغلال الثغرات التشريعية
.هكذا ينقل قانون الإيجار القديم إلى عهد جديد من المساواة والتوازن، بين استرداد الحقوق المنسية وتفادي كوارث التشريد، ويبقى التطبيق الفعلي هو الفيصل لتحقيق الأهداف المأمولة للملايين من أطراف العلاقة العقارية في مصر










