الرئيس البالغ من العمر 83 عامًا يُتهم بقمع المعارضة السياسية والإشراف على نمو اقتصادي غير متكافئ
يتجه الناخبون في ساحل العاج، اليوم السبت، إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم الجديد، في انتخابات يسعى خلالها الرئيس الحالي الحسن واتارا إلى الفوز بولاية رئاسية رابعة، بعد حملة انتخابية ركّز فيها على تحقيق النمو الاقتصادي، بينما يواجه اتهامات بتزايد القمع السياسي وانعدام التسامح مع الأصوات المعارضة.
يُقدّر عدد الناخبين المسجلين بنحو 8.7 مليون شخص. ويواجه واتارا أربعة منافسين رئيسيين، من بينهم السيدة الأولى السابقة سيمون إهيفيه غباغبو، وثلاثة وزراء سابقين هم: هنرييت لاغو أدجوا، وأهووا دون ميلو، وجان لويس بيّلون.
وقد تم استبعاد اثنين من أبرز وجوه المعارضة من السباق الرئاسي – وهما الرئيس الأسبق لوران غباغبو والمصرفي السابق تيدجان ثيام – واللذان اتهما واتارا بإضعاف المؤسسات الديمقراطية والفشل في تحقيق تنمية عادلة ومتوازنة.
واتارا، البالغ من العمر 83 عامًا، يُعتبر المرشح الأوفر حظًا وفقًا لمكاتب المراهنات وتحليلات المراقبين، إذ سبق أن فاز بسهولة في جولتين انتخابيتين سابقتين، وأشرف على تعديلات دستورية مكّنته من تجاوز الحد المسموح به لفترتين رئاسيتين.
لكن خصومه يرون أنه “تجاوز ذروته السياسية” وأنه “يتمسك بالسلطة من أجل البقاء فقط”.
وقالت سيمون غباغبو فى تصريحات صحفية:
“يعتقد واتارا أنه في موقع قوي يجعله قادراً على الفوز بكل شيء.”
أما جان لويس بيّلون، وهو أصغر المرشحين سناً (60 عاماً)، فقد دعا الشباب الإيفواريين إلى “الجرأة على التغيير مع جيل جديد من القادة”.
“طرق للتنمية أم للمصالحة؟”
تقود سيمون غباغبو حزب الحركة من أجل الأجيال القادرة (MGC)، وهو حزب يساري تأسس عام 2022 بعد طلاقها من الرئيس الأسبق لوران غباغبو، الذي حكم البلاد خلال حربين أهليتين.
وقد كانت سيمون نفسها مطلوبة سابقاً لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية.
وتتصدر اهتمامات الناخبين قضايا معيشية واجتماعية حساسة، أبرزها: ارتفاع تكاليف المعيشة، البطالة بين الشباب، الفجوة بين المدن والريف، التهجير القسري الناتج عن التوسع العمراني، التأثير السلبي لتغير المناخ على زراعة الكاكاو، والإصلاحات الحكومية.
في المقابل، يشير واتارا إلى أن بلاده شهدت نموًا اقتصاديًا متوسطه 7% سنويًا خلال ولاياته الثلاث، إضافة إلى تنفيذ مشاريع بنية تحتية ضخمة.
غير أن منتقديه يقولون إن هذا النمو لم ينعكس على حياة المواطنين، وإن “الطرق التي بناها واتارا تربط المدن، لكنها لا توحد القلوب”.
وقال شارل بلاي غودي، أحد أنصار غباغبو السابقين، في تجمع انتخابي:
“الرئيس واتارا بنى الطرق لربط المدن، أما سيمون غباغبو فستبني الطرق للمصالحة بين الإيفواريين.”

تشكيك في نزاهة اللجنة الانتخابية
تواجه اللجنة المستقلة للانتخابات (CEI) اتهامات بانحيازها لصالح الحزب الحاكم بعد استبعاد ثيام ولوران غباغبو من السباق.
وشهدت مدينة ياموسوكرو، العاصمة السياسية للبلاد، أعمال شغب هذا الأسبوع، حيث أقدم شبان غاضبون على تخريب مكاتب اللجنة.
وقال أرسين بريس بادو، أستاذ العلوم السياسية في مركز “البحث والعمل من أجل السلام”:
“هناك شعور عام بأن اللجنة تمنح ميزة غير عادلة للحزب الحاكم، والمعارضة لا تثق بهذه المؤسسات، وهذا ما يظهر بوضوح في كل النقاشات الدائرة.”
ويحذر محللون من أن نتيجة هذه الانتخابات قد تكون حاسمة لاستقرار البلاد، خاصة في ظل موجة الانقلابات التي تجتاح غرب ووسط إفريقيا، حيث شهدت المنطقة منذ عام 2020 تسع انقلابات ناجحة على الأقل، وسبع محاولات فاشلة.
ورغم ذلك، يرى بادو أن ساحل العاج “أكثر تحصينًا ضد خطر الانقلابات”، نظرًا لتماسك قواتها الأمنية ودعم شركائها الدوليين.
وأضاف:
“بالطبع، لا شيء مستبعد، لكن الجيش الإيفواري ليس في حالة تململ، لذا فإن وقوع انقلاب سيكون مفاجأة كبيرة، واحتماله ضعيف جدًا.”

مخاوف من أزمة بعد الانتخابات
ومع اقتراب يوم التصويت، تتزايد المخاوف من اندلاع أعمال عنف جديدة، إذ لم تشهد البلاد منذ استقلالها أي انتقال سلمي للسلطة بين رئيسين منتخبين.
وخلال انتخابات عام 2020، قُتل أكثر من 50 شخصًا، من بينهم المزارع توسان نغيسان كوڤي (34 عامًا)، الذي قُطع رأسه أثناء اشتباكات طائفية في معقل المعارضة بمدينة داوكرو.
وفي أبيدجان، العاصمة الاقتصادية، شهدت المتاجر ازدحامًا بالمواطنين الذين هرعوا لتخزين السلع الأساسية قبل يوم التصويت، بينما غادر آخرون إلى الحدود الغانية لقضاء “عطلة إجبارية” تحسبًا لأي توتر.
قمع واعتقالات وقلق دولي
في وقت سابق من هذا الشهر، أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها من تصاعد التوترات وردّ الحكومة العنيف على الاحتجاجات.
وقالت المنظمة إن أكثر من 250 شخصًا تم اعتقالهم بسبب تظاهرهم ضد ترشح واتارا لولاية رابعة واستبعاد مرشحي المعارضة.
وأُصدرت أحكام بالسجن لمدة ثلاث سنوات ضد 32 منهم، فيما ينتظر 105 آخرون المحاكمة.
وقالت مارسو سيفيود، مديرة مكتب العفو الدولية لغرب ووسط إفريقيا:
“يجب الإفراج فورًا عن كل من اعتُقل فقط لممارسته حقه في التعبير السلمي. إن التظاهر السلمي حق وليس امتيازًا.”
وفي تقرير حديث، قالت مؤسسة SBM Intelligence التي تتخذ من لاغوس مقرًا لها، إن استمرار القمع يعود جزئيًا إلى “اللامبالاة الإقليمية والدولية”، مشيرة إلى أن منظمات مثل الإيكواس والاتحاد الإفريقي التزموا “صمتًا مريبًا” تجاه تجاوزات النظام.
وأضاف التقرير:
“هذا الصمت يمنح واتارا مساحة أكبر لترسيخ سلطته وتقليص فرص الحوار الشامل.”








