هزت جريمة مروعة منطقة فيصل بمحافظة الجيزة بعد تداول مقطع فيديو صادم على مواقع التواصل الاجتماعي، يوثق لحظة إلقاء جثتي طفلين في مدخل أحد العقارات. الفيديو، الذي انتشر بسرعة البرق، أظهر المتهم وهو يلقي بجثة طفل أولا ثم يحمل شقيقته ويلقيها بجوارهما، في مشهد أثار غضبا واسعا وحزنا عميقا لدى الرأي العام المصري.
بداية الكارثة
بدأت تفاصيل الجريمة تتكشف مساء السبت الماضي، حين تلقى قسم شرطة الأهرام بلاغا من سكان شارع اللبيني بالهرم يفيد بالعثور على طفلين في حالة إعياء شديد بمدخل عقار سكني. الطفلان — سيف (13 عاما) وجنى (11 عاما) — ظهرت عليهما آثار ألم حاد، وسرعان ما لفظا أنفاسهما الأخيرة بعد نقلهما إلى المستشفى.
وبعد ساعات قليلة، عثر على جثة شقيقهما الأصغر مصطفى (6 أعوام) في ترعة المنصورية، بعد أن تبين أن الجاني ألقاه حيا في المياه.
خيوط الجريمة تتكشف
كشفت أجهزة الأمن بالجيزة تفاصيل الواقعة بعد تحريات مكثفة ومراجعة كاميرات المراقبة. وتبين أن الجاني هو أحمد م. (38 عاما)، صاحب محل لبيع الأدوية البيطرية بمنطقة فيصل، والذي اعترف لاحقا بارتكابه الجريمة.
وأوضحت التحريات أن المتهم كانت تربطه علاقة غير شرعية بوالدة الأطفال، وتدعى “زيزي” (34 عاما)، بدأت قبل عدة أشهر بعد تعرفه عليها في محله. ومع مرور الوقت، أقامت معه في شقة مستأجرة بصحبة أطفالها الثلاثة، بعد خلافات مع زوجها.
لكن العلاقة التي بدأت في الخفاء تحولت إلى كابوس دموي عندما نشبت بينهما خلافات حادة. وأفاد المتهم في اعترافاته بأنه اكتشف “خيانتها” له، فخطط للانتقام منها ومن أبنائها الثلاثة.
السم في العصير
في 21 أكتوبر الجاري، نفذ الجاني أولى جرائمه، إذ مزج مادة كاوية تستخدم في الأدوية البيطرية بعقار طبي ووضعها في كوب عصير قدمه للأم. بعد دقائق، شعرت بإعياء شديد، فنقلها المتهم إلى مستشفى قصر العيني مدعيا أنها زوجته واستخدم اسما مستعارا. وبعد ثلاثة أيام من الصراع مع السم، توفيت الأم، ليبدأ الجاني مرحلة أكثر بشاعة.
في 24 أكتوبر، اصطحب المتهم الأطفال الثلاثة في “نزهة”، وأعد لهم عصائر ممزوجة بالسم ذاته. شرب سيف وجنى العصير المسموم، لكن مصطفى رفض تناوله. عندها، ألقى به الجاني في ترعة المنصورية، فيما تدهورت حالة شقيقيه، فنقلهما بمساعدة عامل لديه (رمضان، 54 عاما) على متن “توك توك” إلى مدخل عقار، حيث ألقاهما وتركهما يصارعان الموت.
جهود أمنية وتحقيقات موسعة
بفضل تتبع كاميرات المراقبة المثبتة في الشوارع، رصد فريق البحث تحركات المتهم والعامل، وتمكن من تحديد لوحة “التوك توك” المستخدم في الجريمة، ما قاد إلى القبض على الاثنين خلال ساعات.
وضبطت الشرطة داخل محل المتهم كميات من المادة السامة التي استخدمت في الجريمة، وأكد تقرير الطب الشرعي أن الأطفال تناولوا مواد كاوية سببت حروقا داخلية وفشلا عضويا حادا، بينما أظهرت نتيجة تشريح مصطفى أنه توفي غرقا.
بيان الداخلية
أصدرت وزارة الداخلية بيانا رسميا أكدت فيه تفاصيل الواقعة، موضحة أن المتهم اعترف بارتكاب الجريمة كاملة، بدءا من قتل الأم بالسم وحتى التخلص من الأطفال الثلاثة. وأشارت إلى أن التحقيقات لا تزال جارية بإشراف النيابة العامة التي أمرت بحبسه على ذمة القضية، وإحالة ملفها إلى النيابة الكلية بالجيزة لاستكمال الإجراءات القانونية.
غضب شعبي ومطالب بالقصاص
أثار انتشار مقطع الفيديو صدمة كبيرة في الشارع المصري، وعبر آلاف المستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم، مطالبين بتنفيذ أقصى العقوبات بحق الجاني وعدم التهاون مع مثل هذه الجرائم المروعة.
ودشن ناشطون وسوما تطالب بتشديد الرقابة على نشر المحتوى العنيف وحماية الأطفال من جرائم العنف الأسري.
مأساة تهز الضمير
تعد هذه الجريمة واحدة من أبشع القضايا التي شهدتها مصر في السنوات الأخيرة، ليس فقط لبشاعتها، بل لكون ضحاياها أطفالا أبرياء راحوا ضحية علاقة محرمة انتهت بانتقام دموي.
ومع استمرار التحقيقات، ينتظر الشارع المصري كلمة العدالة، في جريمة لا تزال تفاصيلها تثير الفزع والأسى في قلوب الملايين.










