في تطور جديد يعكس تعقيدات الصراع في السودان، أعلن محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع، أن الطائرات المسيرة التي تنطلق من دول الجوار هي “أهداف مشروعة”.
هذا التصريح ليس مجرد تهديد عسكري فحسب، بل هو أيضا خطوة سياسية تهدف إلى إعادة تشكيل البيئة العملياتية في المنطقة، حيث تتداخل العوامل العسكرية مع التحديات السياسية والإقليمية.
الطائرات المسيرة كأداة استراتيجية
تعتبر الطائرات المسيرة عن بعد واحدة من الأسلحة الأساسية في الحرب الدائرة بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية. بفضل هذه التكنولوجيا، أصبح المهاجمون قادرين على تنفيذ هجمات بتكلفة أقل، بينما تصبح القوات المدافعة أكثر انكشافا.
هذا التوجه يعزز من أهمية مراكز اللوجستيات، حيث أصبحت المطارات والمرافق الجوية أهدافا استراتيجية تسهم بشكل كبير في تحديد مسار المعركة.
وتسعى قوات الدعم السريع من خلال ضرب الطائرات المسيرة لمرافق الطيران إلى حرمان القوات المسلحة السودانية من حرية الحركة وتعطيل عمليات إعادة تموينها.
كانت الهجمات الأخيرة على مطار الخرطوم وبورتسودان مثالا على هذا النمط العملياتي الذي يهدف إلى التأثير على حركة النقل الجوي المدني والعسكري في البلاد.
تصعيد التوترات الإقليمية: إريتريا ومصر في مرمى الهدف
أحد الأبعاد المثيرة للقلق في هذا الصراع هو الدور الذي تلعبه دول الجوار مثل إريتريا ومصر. حيث تشير تقارير إلى أن إريتريا قد تكون نقطة عبور أساسية للرحلات الجوية والشحنات المتعلقة بالقوات المسلحة السودانية، مما يجعلها طرفا غير مباشر في الحرب.
بالإضافة إلى ذلك، تستضيف إريتريا ميليشيات وتدريبات عسكرية مرتبطة بالقوات السودانية، مما يعزز من قدرة الخرطوم على مواصلة القتال.
وبالنسبة لمصر، تعد السودان ساحة خلفية استراتيجية هامة، حيث دعمت القاهرة القوات المسلحة السودانية بالأسلحة والإمدادات عبر أراضيها أو عبر إريتريا.
تحذير حميدتي من استهداف الطائرات والطائرات المسيرة التابعة لدول ثالثة يشير بشكل مباشر إلى مصر، مما قد يؤدي إلى تصعيد غير مرغوب فيه إذا استمر الدعم المصري.
إذ يمكن أن يتطور الأمر إلى هجمات على القواعد العسكرية أو الطائرات المصرية في حال رأت قوات الدعم السريع أن هذا الدعم يساهم في استمرار الحرب.
المخاطر الإقليمية: تصعيد عبر الحدود أو حروب بالوكالة
يعتبر البيان الصادر عن حميدتي تهديدا حقيقيا للدول التي قد تستضيف أو تسهل الرحلات الجوية إلى السودان.
ففي بيئة جوية مزدحمة، يمكن أن تكون الهجمات على الطائرات أو المطارات ناتجة عن خطأ في تحديد المصدر، مما يؤدي إلى تصعيد غير منضبط. علاوة على ذلك، تزداد المخاطر الإقليمية من خلال الهجمات التي قد تمتد إلى دول الجوار مثل مصر وإريتريا، مما يعزز من انعدام الثقة بين العواصم المجاورة ويزيد من تعقيد جهود الوساطة الدبلوماسية.
الخيارات المستقبلية: الحياد أو التصعيد
في ظل هذه المعطيات، تبدو الخيارات أمام دول الجوار محدودة. ففي المسار الأقل خطورة، قد تقبل هذه الدول التكلفة السياسية للحياد، من خلال إغلاق المعابر أو تشديد الرقابة على الرحلات الجوية.
أما في السيناريو الأقل استقرارا، قد تؤدي الهجمات على الطائرات أو المطارات إلى تآكل الثقة بين الدول المعنية وخلق مخاطر طويلة الأمد.
وفي أسوأ الحالات، يمكن أن تتسبب ضربات دقيقة لقوات الدعم السريع على أهداف في مصر أو إريتريا في ردود فعل تصعيدية قد تؤدي إلى صراع إقليمي واسع.
تمثل الطائرات المسيرة أداة محورية في الصراع السوداني، وتعيد تشكيل معادلة الحرب بشكل غير مسبوق. من خلال تحويل الطائرات والمطارات إلى أهداف استراتيجية، تجبر دول الجوار على اتخاذ مواقف حاسمة بشأن دعمها أو تعرضها للهجمات.
في هذا السياق، تصبح إريتريا ومصر في مرمى التهديدات المحتملة، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني الإقليمي. وفي الوقت نفسه، يظل مستقبل الصراع السوداني رهنا بكيفية استجابة الدول المعنية لتحذيرات حميدتي وتحديد موقفها في هذا الصراع الذي قد يتسارع ليشمل مناطق أوسع في القرن الأفريقي.










