شهد سعر الدولار في السودان اليوم الأثنين ٢٧ أكتوبر ٢٠٢٥ تصاعداً قياسياً في السوق الموازية، إلى مستويات هي الأعلى في تاريخ البلاد، بينما ظل السعر الرسمي دون تغير كبير رغم اتساع الفجوة بين السوق الرسمية وغير الرسمية
. يعكس هذا الواقع أزمة نقد أجنبي حادة وتحديات اقتصادية مركبة نتيجة استمرار النزاع الداخلي، وشح النقد الأجنبي في البنوك، وعجز السلطات عن ضبط سوق الصرف
عناوين مبتكرة لم تُنشر بعد:
استقر السعر الرسمي للدولار الأمريكي اليوم عند حوالي 601.5 جنيه سوداني بحسب نشرات البنك المركزي، وهو رقم لم يتغير منذ أسابيع بسبب تثبيت السلطات النقدية للسعر المرجعي
في المقابل، سجل سعر الدولار في السوق الموازية (السوداء) قفزة غير مسبوقة متراوحاً بين 3,660 و3,700 جنيه للدولار الواحد حسب المنطقة والتوقيت، مع استمرار فروقات طفيفة بين التجار، وهو ما يعكس انفلاتاً واضحاً في سوق الصرف
.الفارق بين السوقين الرسمي والموازي اقترب من ستة أضعاف، مما وضع فعالية التسعير الرسمي تحت ضغط غير مسبوق وأدى إلى اعتماد غالبية عمليات التسعير للسلع والخدمات على أسعار السوق الموازي وليس البنوك
.دوافع وأسباب انهيار الجنيه السودانييعزى هذا الانهيار لعدة أسباب متداخلة:استمرار الحرب الداخلية بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، مما أدى إلى توقف قطاعات اقتصادية حيوية مثل الزراعة والصناعة، وانخفاض إنتاج النقد الأجنبي
.انعدام الثقة بالقطاع المصرفي وقيام معظم عمليات التحويل الخارجي بالاعتماد فقط على السوق السوداء، وهو ما أدى إلى انسحاب البنوك من عمليات التصريف اليومية
.زيادة الطلب على الدولار لأغراض العلاج، التعليم، والاستيراد مقابل شح موارد النقد الأجنبي للبنوك السودانية
.الاعتماد المتزايد على طباعة النقود دون غطاء نقدي، وفشل السياسات الحكومية في السيطرة على العرض النقدي
.أثر موجة ارتفاع الدولار على الحياة اليوميةارتفاع الدولار بهذا الشكل ضرب جميع قطاعات الاقتصاد السوداني، حيث قفزت أسعار السلع المستوردة والمواطنون يعانون من تضاعف تكاليف الخدمات الأساسية
. أغلقت شركات الصرافة أبوابها أو قلصت العمليات لكميات صغيرة، في حين استمرت التحويلات الخارجية المكلفة بفرض المزيد من الأعباء على الأسر السودانية داخل وخارج البلاد
. هذا أفرز أزمة جديدة في سوق العملات الدولية الأخرى، فارتفع الريال السعودي إلى 974 جنيهاً في السوق الموازي، واليورو إلى أكثر من 3,773 جنيه
.توقعات وتقلبات الفترة المقبلةيرى عدد من المحللين أن غياب حلول جذرية أو تدخلات دولية عاجلة سيبقي الدولار في حالة تصاعد مستمر في السوق الموازي، وسط احتمالات بتفاقم الأزمة إذا لم تنجح الدولة في ضبط الأسواق أو تعزيز الاحتياطيات الأجنبية
. كل المؤشرات توحي أن السوق السودانية ستظل تعول على السوق السوداء ما دامت عوامل النزاع وفوضى النقد قائمة بلا تغيير.السياسة النقدية: محاولات رسمية بلا أثر فعلييحاول بنك السودان المركزي الإبقاء على سياسة التعويم المدارة من خلال تثبيت السعر الرسمي، لكنه فقد عملياً السيطرة على سوق الصرف بعد خروج معظم التداول اليومي إلى القنوات غير الرسمية
. وتزداد احتمالية استمرار الشلل المصرفي إذا لم تتمكن السلطات من تحسين موارد الدولارات أو التوصل لتسوية سياسية تعيد الاستقرار النسبي
.بهذا تسجل السودان اليوم واحدة من أخطر أزماتها النقدية؛ فالدولار الأمريكي لم يعد مجرد أداة تحويل بل أصبح عنواناً لمعضلة اقتصادية شاملة يعيشها المواطن والتاجر والدولة معاً











